بقلم / بونيف وفاء
لا أعتقد أن العنوان كتّب على عجلة، ولا أظن أنّه لمجرد لفت الانتباه؛ فالعنوان له علاقة وثيقة بما يحدث في أجزاء الرواية ويدخل في تفاصيلها الكثيرة والمتنوعة.هذا العنوان الّذي أثار الكثير من الجدل داخل الولاية وخارجها والذي بسببه حوكم النص محاكمة لا تليق بالأدب، ووضع صاحبه في خانة المحظورين اجتماعيا ودينيا .
عندما تتهور البشرية وتحاول جاهدة العبث بقوانين الكون فإنّ النتيجة الحتمية ستكون الخراب النفسي والمادي، وعندما يسيطر جنس بشري واحد على كوكب قائم أصلا على الثنائية، فإنّ الصراع البشري الأزلي لن ينتهي بسلام كما هو متوقع. بل على العكس تماما؛ ستكون الحياة عبارة عن كيانات مهمشة وأخرى رغم مركزيتها فإنّها تبدو بلا روح، مجرد جمادات لا أكثر...
نايف الذي يستفيق فيجد نفسه في عالم تحكمه النساء، عالم تصل فيه التكنولوجيا إلى أعلى درجاتها، فيتقرر وقفها كما تقرر توقيف الحروب وحرق الماضي بكل ما يحمله من انتصارات وانهزامات، وفجأة تظهر شخصية حيدر الذي يحاول التمرد على الواقع واسترجاع الماضي بأمجاده وحتى أخطائه.
عندما نقرأ الرواية فإنّ ما نراه للوهلة الأولى هو فكرة تحرير المرأة وانتصارها لنفسها على الرجل الذي اضطهدها ذات زمن. لكن ما إن تغوص في تفاصيلها حتى تجد الرواية تحمل أفكارا كثيرة:العالم أصبح يُتَحكم فيه بكبسة زر ، بلغت النساء أقصى درجات التحرر وتحكمن في حياة الرجل لدرجة تحويله إلى مجرد سلعة، تصريح بطقوس الماسونية ، تساؤلات حول الخلود والحياة وماهية الموت، تحليل لظواهر اجتماعية وأخرى دينية. ورغم تفرق هاته الأفكار إلاّ أنّها تجتمع في نقطة واحدة ؛ وهي من ينتصر في الأخير؟ولحساب من تكون النتيجة الأخيرة؟!
رواية فيها من التضادات ما يجعلك تبحث عن رأي الكاتب!!!؛ فقد رأيته حاضرا مدافعا عن كل وجهات النظر. الكاتب موجود لكنه كان حياديا وهذا عامل أساسي لإنجاح أي عمل أدبي. حضوره لا يعني فرض نفسه على أية شخصية ولم يولي اهتماما لفكرة على حساب الأخرى .
زمنيا: كان السير وفق ترتيب زمني مباشر وهذا جعل الرواية منظمة ومشوقة؛ فقد كنت مشدودة للأحداث المتنوعة،وكلما انتهى حدث وجدتني أبحث عن الٱخر بنفس شغف ما سبقه .
بأسلوب مباشر يحمل الكثير من الرّسائل، حوارات بسيطة ولكنها هادفة، تركيز على الفكرة دون إخلال بالمعنى، عدم اهتمام بالصنعة اللفظية لكن مع تمام إيصال الفكرة لفظا ومعنى.
أرى أنّ نجاح الرواية يكمن في جعل القارئ يحاور ويتوقع، يتموقع ويصنع حوارا خياليا يساهم في وضع حد للصراع النفسي الذي يدخله بسبب كثافةالأحداث وتسارعها.
رواية تحملك عاليا لتحطك، تنعشك بقدر ما تخنقك، تريحك بقدر ما تصدمك. رواية بقدر ما تحمل من وقائع فإنّها توقعك في فخ الوهم!!
ملاحظات عامة:
_لماذا تم اختيار الإمارات كبلد ؟
_كان اختيار الأسماء حصرا على المنطقة، مع أنّ الأحداث تخص كل العالم .
_لما صديق نايف أخبره أنّه تعرف على قمرة، أخبره أنّها فقدت والدها، لنراه حاضرا في بقية أجزاء الرواية وكان نايف قريبا منه.
_أخبرنا الكاتب أنّه في زمن تحكمه النساء تم التخلص من الكتب لتفادي تقديس الإنسان وعدم تخليد أي فكرة مهما كانت، لنجد حيدر يقرأ ٱلاف الكتب ويثور من خلالها!
_إقحام الجنس كان مبالغا فيه.
_ذكر نوال السعداوي كظاهرة تتحكم في المصائر مستقبلا، وطقوس ممارسة استحضار الشياطين، أراه سيوقع الكاتب في مأزق ...
