الكاتبة السورية فرات خضور: الأدباء يستشرفون المستقبل

الكاتبة السورية فرات خضور: الأدباء يستشرفون المستقبل


دمشق - تكتب الأديبة فرات خضور الرواية بأسلوب السهل الممتنع، دون أن تتخلى عن نظامها ومكوناتها وتبعد عن الاستطراد السلبي في سرد الأحداث الذي تعتمد فيه التشويق والواقع، إضافة إلى الخيال.
وفي لقاء معها تقول خضور “أكتب في حالات خاصة جدا، يُحرّك قلمي ما يلامس قلبي من الواقع والحالات الوجدانية الإنسانية وقضايا مجتمعية وفلسفية ولا أعتمد في ذلك على جمع المعلومات، وإنما على رؤيتي الخاصة لأي فكرة تراودني”.
وتضيف خضور “الرواية هي أحد الأجناس الأدبية الفعالة في خلق مناخ رحب ومساحة حرّة لأي كاتب لتكون له بصمة خاصة في عالم الأدب، إذ يجتمع فيها عنصر الخيال والتشويق، إضافة إلى إمكانية تحميلها الكثير من المشاعر الإنسانية والإسهاب في التفاصيل والأحداث التي تُنعش الصورة في ذهن القارئ”.
وتؤكد رواية “هواجس نسائية” لخضور الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، اختيارات الكاتبة الجمالية والفكرية التي طرحتها. فالرواية ترصد دور المرأة المخلصة خلال فترة الحرب، وما خلفه الإرهاب من ويلات وجرائم لم تستسلم لها المرأة.
وفي العمل تركت المرأة كل ما تقدمه الغربة من مغريات ومن تقدير لعملها، وآثرت أن تعود إلى دمشق التي تراها من أجمل بلدان العالم مهما كانت الحياة فيها صعبة، ومهما كان الظرف قاسيا.
ومن خلال أبطال الرواية سنا عبدالحميد وزياد وأمجد وساندرا وليزا وغيرهم، تكشف الكاتبة ما فعله المجرمون من خطف وتفجير وإرهاب، وما تركته تلك الظواهر في النفوس، وبقاء المرأة مصممة على المحبة والتمسك بالوطن مهما كانت الأسباب.
وفي جماليات البيئة الريفية في سرد خضور، سلطت الضوء على عادات وتقاليد كثيرة وعلى أخطار الهجرة، وضرورة بقاء جماليات وعادات سوريا في الذاكرة كونها من أسس الانتماء.
وبينت الروائية خضور في روايتها أهمية التمسك بالانتماء وبتراب الوطن وعدم تركه لأي ظرف، مجسدة ذلك بقرار ساندرا، واحدة من بطلات الرواية، شراء قبر بجانب قبر أبيها الذي تعتبره كل شيء في تاريخها وحياتها.
وأوضحت الرواية ما قدمه الأبطال من خسارات في الأرواح والجسد، وما عانوه من خطف وتشرد وتجلى ذلك في شخصية الضابط محمد الذي جاء ذكره بأسلوب عاطفي وفني، معتبرة أن ما حصل خديعة كبرى لا تنسى.
وتهتم خضور بتداعي الذكريات وربط الماضي بالحاضر والتحريض على الدفاع عن الوطن مهما كان الثمن غاليا، بعدما جعلت شخصيات الرواية كلها فاعلة في دور البطولة وجميع الأحداث مرتبطة بمحور واحد هو اللهفة والتمسك بالوطن.
كما جاءت الرواية لتعبر عن أهمية الشهادة وعشق الوطن وما فيه من جمال لا يتكرر. وبرغم وجود شخصيات عابرة في الرواية تمكنت خضور أن تجعل منها أبطالا، وهذا ما حصل في شخصية المهندس الذي ضحى بعمره.
النقد يساهم في إغناء النص الأدبي وتقويمه، فهو يسلط الضوء على المناحي الجمالية والنقاط القوية في أي عمل أدبي ما يساعد الكاتب في الارتقاء بمستوى عمله وصقل موهبته
وتعتقد خضور أن الرواية هي أقوى الأجناس الأدبية، فقد تطورت من كونها قصة قصيرة لتحمل مقومات فنيّة تمكّن الكاتب من عرض وجهات نظره وخبراته وتنوع المواضيع التي يمكنه طرحها ومعالجتها على اختلافها من قضايا ثقافية واجتماعية وفلسفية وسياسية وغيرها، بأسلوب خيالي أو واقعي دون قيود أو حدود، كما أتاحت للقارئ متعة اللغة والتخيّل والمتعة الشعورية التي تجلت بالإثارة والتشويق.
وحسب خضور، يصبح الأدب من خلال انعكاسات الواقع أكثر ملامسة للحالات الإنسانية وآلام المجتمع، وأكثر تأثيرا في وجدان الناس، فترصد الرواية الآلام الحقيقية للناس وأوجاعهم وتواكب الحالة الاجتماعية والنفسية، وتحافظ على القيمة الأدبية العالية للرواية لتصل إلى شرائح كبيرة في المجتمع.
وتبين خضور أن للنقد دورا كبيرا في إغناء النص الأدبي وتقويمه، فهو يسلط الضوء على المناحي الجمالية والنقاط القوية في أي عمل أدبي ما يساعد الكاتب في الارتقاء بمستوى عمله وصقل موهبته.
وتوضح الأديبة السورية أن الواقع العربي يدفع بالكثير من الأدباء إلى استشراف المستقبل أو ما تسميه الفرار إلى المستقبل هربا من الواقع الأليم ومعاناته والطموح لواقع أفضل والحلم بمستقبل أكثر إشراقا وأقل تخلفا وانحدارا، ما يعني أن الرواية مستمرة وقادرة على أداء وظيفة أخرى غير الترفيه وهي الطريقة التي تنظر بها إلى المستقبل وإلى العالم والأسلوب الذي تتكلم به وبالتالي تغيير العالم نفسه.

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه