تونس تواجه مأزق تآكل الاحتياطي النقدي

تونس تواجه مأزق تآكل الاحتياطي النقدي

تونس - تواجه تونس مأزقا جديدا مع انحسار احتياطاتها النقدية قد يجعلها تندفع لضبط حساباتها، على الرغم من تقلص العجز التجاري منذ بداية 2023، والذي يلتهم في العادة الدولارات عبر التوريد.
وأظهرت أرقام للبنك المركزي تآكلا في احتياطات العملة الصعبة، الأمر الذي يؤكد توقعات المحللين بأن الملاءة المالية للبلاد باتت معرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى.

ومن الواضح أن اقتصاد البلاد سيكون في مشكلة كبيرة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع ضيق هامش تحرك الحكومة مع عدم قدرتها على اللجوء إلى الاقتراض من الأسواق الدولية لمعالجة الاختلالات المالية المزمنة.

وأعلن البنك المركزي تراجع احتياطي البلاد من العملات الأجنبية ليبلغ 22.04 مليار دينار (7.04 مليار دولار)، أي ما يعادل 95 يوم توريد بمقارنة سنوية.

وجاء ذلك، وفق بيانات نشرها البنك المركزي في موقعه الإلكتروني الرسمي، في وقت بلغ احتياطي العملة الأجنبية في السادس عشر من مارس العام الماضي، ما يعادل 127 يوم توريد.

7.04
مليار دولار حجم المخزون النقدي وفق البيانات التي نشرها الخميس البنك المركزي

وفي السادس من فبراير الماضي، وصل احتياطي تونس من العملة الأجنبية إلى 7.09 مليار دولار أي ما يعادل 96 يوم توريد.

ويأتي نشر هذه الأرقام بعد أيام على إعلان معهد الإحصاء تراجع العجز التجاري بنحو 7 في المئة خلال أول شهرين من العام الجاري، ليسجل 2.36 مليار دينار (755 مليون دولار)، مقابل نحو 810 ملايين دولار على أساس سنوي.

وقبل الجائحة، سجل متوسط العجز التجاري مستويات قياسية قدرت بنحو 5.3 مليار دولار، مما ضغط على الاحتياطيات النقدية للبلاد التي بلغت في العام 2016 نحو 4.3 مليار دولار، وهو أسوأ احتياطي نقدي للبلاد منذ اندلاع الفوضى في البلاد.

وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر الأزمة الروسية – الأوكرانية.

وتزداد احتياجات البلاد من الاقتراض الخارجي العام الجاري بنسبة 34 في المئة بمقارنة سنوية إلى 5.2 مليار دولار، في حين أن من المتوقع ارتفاع خدمة الدين العام 44.4 في المئة إلى 6.6 مليار دولار.

اقتصاد البلاد سيكون في مشكلة كبيرة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع ضيق هامش تحرك الحكومة مع عدم قدرتها على اللجوء إلى الاقتراض من الأسواق الدولية

وبسبب تذبذب وفرة النقد الأجنبي في تونس، تشهد الأسواق المحلية منذ شهور، تراجعا في وفرة السلع الرئيسية، في وقت يتهم الرئيس قيس سعيّد بعض التجار بـ”احتكار السلع”.

وشهدت البلاد نقصا، بشكل متقطع، في المواد الغذائية الرئيسية على مدار الاثني عشر شهرا الماضية. وفي شهر يناير الماضي، أرسلت ليبيا، الجارة الغنية بالنفط، القمح والأرز والسكر كمساعدة.

ويبدو أن التضخم سيتسبب في المزيد من الألم للتونسيين هذا العام، بعد أن وصل مؤشر أسعار المستهلك إلى رقم في خانة العشرات في 2022، وهو أعلى مستوى له في ثلاثة عقود.

والشهر الماضي، قال محافظ البنك المركزي مروان العباسي إن “تقديرات البنك تؤشر على ارتفاع التضخم في 2023 إلى 11 في المئة صعودا من 8.3 في المئة في 2022”.

ويشعر الكثير من التونسيين بإحباط متزايد بسبب الانحدار في مستويات المعيشة منذ عام 2011، والذي زاد من حدّته نقص المواد الغذائية.

كما أن خطة الإنقاذ المحتملة من صندوق النقد الدولي، قد تصاحبها تخفيضات في الإنفاق الحكومي ومصاعب اقتصادية إضافية. علما أن من غير الواضح حتى الآن مدى سرعة تدفق الأموال.

احتياجات البلاد من الاقتراض الخارجي العام الجاري تزداد بنسبة 34 في المئة بمقارنة سنوية إلى 5.2 مليار دولار

ويُنظر على نطاق واسع إلى دعم صندوق النقد على أنه أمر بالغ الأهمية، فتونس في حاجة ماسة منذ أشهر إلى مساعدة دولية بسبب أن الملاءة المالية مُعرضة للخطر مع كل يوم.

ويعتبر الاتفاق المبرم نهاية 2022 أساسيا لفتح الطريق أمام المساعدات الثنائية من الدول المانحة، التي أرادت أن تطمئن عبر برنامج لصندوق النقد يفيد بأن تونس يمكنها تنفيذ إصلاحات تضع تمويلاتها على مستوى أكثر استدامة.

وكانت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية قد خفضت تصنيف تونس الائتماني مؤخرا، مما يعطي انطباعا واضحا بأن البلد يحتاج إلى تكثيف الجهود للخروج من هذه الورطة.

كما عكست التقييمات المتشائمة لخبراء فيتش في وقت سابق هذا الشهر وجهة نظر وكالة التصنيف الائتماني بأنه ما لم تتحسن آفاق التمويل الخارجي لتونس في الوقت المناسب، فإن احتمال التخلف عن السداد قد يرتفع إلى ما هو أبعد من المتوقع.

واستنادا إلى نمو بنحو 2.5 في المئة لعام 2022، فإن حجم الاقتصاد التونسي مازال يصغر عمّا كان عليه قبل 2011، في وقت نما فيه عدد السكان بنحو 12 في المئة منذ ذلك الحين، بينما حوالي خمس سكان البلد يعيشون الآن في حالة من الفقر.

 

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه