"شوكو" البهيج.. شكرا

بقلم حكيم مرزوقي تشرين2/نوفمبر 15, 2022 127

"شوكو" البهيج.. شكرا

السر يكمن في روح بهية مبهجة تخفي خلف الابتسامة وجعا دون أن تزايد به أو تعرضه في السوق.

خفة ومرح تبهج القلب والروح

“إني أكتب كي يحبني أصدقائي” عبارة قالها “غابو” وهو اسم التحبب والتصغير الذي يحلو لأصدقاء الكاتب غابرييل غارسيا ماركيز، مناداتهم به في سهراتهم الماجنة.

أصدقاؤه هؤلاء، هم الذين توسلوا أباه يوما، أن يتوقف عن شتمه والسخرية منه قائلين “ارفق بابنك.. إنه ذو خيال خرافي” فرد عليهم “أبو غابو” وهو في منتهى الثقة والاسترخاء، “أعرف ذلك.. بدليل أنه كذاب كبير.. اللعنة عليه وعليكم”؟

أما العم “الروج”، وتعني “الأحمر” بالفرنسية كما يلقبه أهالي مدينة تاجروين بالشمال الغربي التونسي، فهو والد صديقنا “شوكو” الظريف الساخر المشاكس، وعنوان البهجة النادر في زمن التجهم والعبوس.

“شوكو” هذا، هو أيضا بمثابة اسم التحبب والتصغير والتدليع للاسم التونسي المألوف “شكري”، وذلك على الطريقة الكولومبية في تسمية غابرييل بـ”غابو”، لكن”شوكو” لم يفز بجائزة نوبل، لم يدخل جامعة غير الحانة، ولم يكتب كتابا واحدا في حياته غير ما يخطه على مدونته منتشيا في صفحات التواصل الاجتماعي، وبالعامية المحلية.. ومع ذلك، تنال إعجاب المئات كل يوم.

كان لا بد من التذكير بأن “شوكو” هو اسم لماركة بسكوت قديمة ومعروفة في تونس، ولا بد من الإشارة إليها في السياق لأنها لم تعد موجودة درءا لتجنب الوقوع في الإعلان المجاني ثم إن هذا الرجل “لذيذ” بكامل معنى الكلمة.

ممتع ومضحك ومبهج في تعليقاته المشاكسة المتسمة بالفطنة المتوثبة والذكاء الحاد. وما دخل مجلسا إلا وأضفى عليه جوا من الخفة والمرح، حتى وإن كان مخفر شرطة أو مجلسا للعزاء.

كما أن “شوكو” يشترك مع “غابو” في الشقاوة و”قتل الأب” ـ ليس بالطريقة المعرفية المتفذلكة والمتداولة بين المتثاقفين طبعا ـ وإنما “قتله” جكارة وشقاوة امتدت منذ سنوات طفولته التي لم يفارقها يوما، وقد اشتعل اليوم رأسه شيبا، لمع صلعا، وامتلأ ضحكا من هذا العالم القاسي.

ربما حُظي صديقنا شكري العبروقي بمثل ما حُظي به الكاتب غارسيا ماركيز، من زوجة متفهمة تقبل بمزاجه وتستوعب عشقه للنساء الجميلات في حنوّ وكرم نادرين.. ألم تكن “مارثيدس” زوجة ماركيز، ترتب الجلسة ووضعية الطاولة في المطعم لغابو، بالشكل الذي يتيح له الاستمتاع بوجه امرأة فاتنة تجلس قبالته، وبمحض المصادفة.

كذلك تفعل بقية أفراد عائلته في تقبل مزحه ومشاكساته وانتقاداته التي لم تضع البوصلة يوما، ولم تجرح مشاعر أحد رغم حدتها.. ولم توفّر أحدا.. إنه يطلق نيران سخريته حتى على نفسه.

السر يكمن في روح بهية مبهجة تخفي خلف الابتسامة وجعا دون أن تزايد به أو تعرضه في السوق، وهو الكوميدي الذي لا يشق له غبار، إن أراد خوض غمار الإضحاك المأجور كما يفعل الثقلاء والسمجون اليوم في تونس وباقي البلاد العربية.

حكيم مرزوقي

كاتب تونسي

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه