مديح الكذاب لذّة للغبي

بقلم يمينة حمدي شباط/فبراير 03, 2023 91

مديح الكذاب لذّة للغبي

ثبت بالتجربة أن من يُوصفون بأنهم شخصيات مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي ينزعون بشكل أكبر إلى الكذب من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية والحصول على مزايا مادية غير نزيهة.

المهم جني الأموال

هناك نوع جديد من المشاهير، لكنهم ليسوا من نجوم التلفزيون والسينما أو الشخصيات السياسية والرياضية، بل من الشخصيات البارعة في نسج الأكاذيب والسيناريوهات الملفقة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويروق لنا تصديقهم ودحرجة أكاذيبهم ككرة الثلج، حتى تصبح أكبر وأضخم، ويتم تداولها أكثر فأكثر.

مع توجه الناس نحو قضاء وقت أكبر في العالم الافتراضي واعتمادهم على مواقع التواصل الاجتماعي لقضاء غالبية شؤونهم اليومية، بدءا من الدردشة والتواصل الاجتماعي والحصول على المعلومات، وصولا إلى جذب اهتمام الرأي العام والتأثير فيه، فإن كل ما يحتاجه المرء اليوم لتحقيق الشهرة، هو زرع بعض الأكاذيب في العالم الافتراضي وترقبها تنمو. يكفي التفكير في الكذبة الجيدة، ليكون قد خطا خطواته الأولى نحو عالم الشهرة، وإذا ما حالفه الحظ وكبرت تلك الكذبة وصدقها الناس، فإنه حينها سيحصل على حصته من الشهرة والثروة!

مثل هذا الأمر ينطبق على أجيال بأكملها في وسعها أن تفعل وتتلفظ بما يخطر ولا يخطر على البال، لتكون في دائرة الأضواء، وتجني الثروات دون عرق أو تعب، وهناك الملايين ممن يتعلقون بمثل هذه الآمال الكذابة، التي قد تجعلهم في أحيان كثيرة مادة للسخرية، حينما ينخرطون عن طواعية في ترويج ونشر أكاذيب وخدع بعض المؤثرين الافتراضيين، من دون التفكير في ما إذا كان ما يقولونه صحيحاً أم وهما، وهؤلاء ينطبق عليهم المثل الروماني “مديح الكذاب لذة للغبي”.

ثبت بالتجربة أن من يُوصفون بأنهم شخصيات مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي ينزعون بشكل أكبر إلى الكذب من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية والحصول على مزايا مادية غير نزيهة، ويستغلون في ذلك نقاط ضعف متابعيهم لتمرير الأكاذيب ونشر الشائعات؛ إذ غالبا ما يرسم هؤلاء المؤثرين صورا براقة عن أنفسهم للمجتمع المحيط بهم، لكنها في الواقع زائفة ولا تعبر عن حقيقة ما يضمرونه أو يقولونه. وهم بذلك يلعبون دورا كبيرا وهاما في توجيه الرأي العام وتحديد توجهات الناس وأفكارهم وأذواقهم وخياراتهم في الحياة.

لا يتمتع معظم هؤلاء المؤثرين بالضرورة بخبرة عملية أو أكاديمية، ولكن البعض منهم يستثمرون في الأكاذيب لبناء قاعدة جماهيرية واسعة من المحبين والمتابعين على

مواقع التواصل الاجتماعي، فيتحولون بين ليلة وضحاها إلى قوة مرجعية، وقدوة للأجيال عندما يصبح أقصى ما يطمح إليه البعض هو أن يكون شخصية مؤثرة وجني الأموال بالطرق المختصرة.

مما لا شك فيه أن ظاهرة المؤثرين قد فرضت نفسها اليوم في العالمين الواقعي والافتراضي، لكن إذا كانت هذه الشخصيات قادرة على تغيير ما نؤمن به من حقائق، فنحن أمام مشكلة حقيقية، وهنا يجب علينا الاعتراف بأن المواقع الافتراضية قد أصبحت مليئة بالحيوانات الاجتماعية التي تفكر في وجبة الإفطار أثناء تناولها العشاء.

يمينة حمدي

صحافية تونسية مقيمة في لندن

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه