عش الدبابير: حين تثور المؤثرات
البرنامج الذي تجرأ على الإمبراطورية الناشئة الآخذة في التمدد، إمبراطورية إنستغرام التونسية، التي لا حدود لها، لقي ردود فعل غاضبة من المؤثرات لسبب آخر مختلف عن المنافسة أو التشكيك في المصداقية.
امبراطورية انستغرام
دخل برنامج تلفزيوني عش الدبابير بساقيه حين أجرى تحقيقا عن الإعلانات التي ذهبت من التلفزيونات إلى المؤثرين والمؤثرات من جماعة إنستغرام.
وكشف التحقيق الذي أجراه برنامج “الحقائق الأربع” على قناة محلية تونسية أن الكثير من الـ”إنستغراموز” تتحيل على المعلنين بالإيهام بأن لها متابعين بالآلاف حتى ترفع من عائدات الإعلانات، فيما هي لا تمتلك سوى عدد محدود من المعجبين.
وكشف التحقيق أيضا أن المؤثرات ينشرن إعلانات لمنتجات غير صحية أو مجهولة المصدر وأنهن تضللن المتابعين بتقديم صورة براقة عن تلك المنتجات، ملمحا إلى وجود لعبة مضللة في زيادة عدد المعجبين والمعجبات لجلب المعلنين.
وأيا كانت مصداقية العينات التي تحدث عنها البرنامج، وهل يمكن القياس عليها لوصم نجمات الإعلام الجديد بالتحيّل وتحقيق منافع شخصية دون وجه حق، أم أن البرنامج يدخل في سياق غيرة الإعلام القديم من الإعلام الجديد الذي لا يطلب سوى صورة موديرن لنجمة واحدة يمكن أن تقدم برامج في كل اتجاه وتحصل على عائدات كبيرة، فيما التلفزيون ينفق الملايين على الإنتاج والإخراج والبث ولا يحقق مكاسب توازيها بسبب هروب المعلنين إلى جمهور إنستغرام.
يجد المعلنون سهولة في عرض منتجاتهم على إنستغرام دون وجع رأس، ودون ضوابط العرض التلفزيوني، وهل يكون البث في وقت الذروة أو قبلها أو آخر السهرة، فلكل سعره.. وهذا يقبله الرقيب، وهذا لا.
في إنستغرام لا يوجد رقيب رسمي، ولا رقيب ذاتي، المهم الفلوس ومن يدفع يحصل على ما يريد، ويجد له جمهورا حسب أمواله، ويقاس الأمر بعدد المتابعين المعجبين وليس بالأوديمات التي تقوم عليها حرب بين التلفزيونات من دون أن نعرف من هو على حق، وهل أنها مزورة وموجهة لخدمة تلفزيون أو راديو على حساب آخر.
لقي البرنامج الذي تجرأ على الإمبراطورية الناشئة الآخذة في التمدد، إمبراطورية إنستغرام التونسية، التي لا حدود لها، ردود فعل غاضبة من المؤثرات لسبب آخر مختلف عن المنافسة أو التشكيك في المصداقية.
تحدث برنامج “الحقائق الأربع” عن سر من الأسرار الممنوعة، حين أشار إلى أن الأموال التي تحصل عليها الإنستغراموزات دون جهد أو تعب لا تمر على الضرائب، ولا تقتطع منها الدولة، كما تفعل عادة مع أيّ عائدات مالية تؤول لفائدة أي شخص أو مؤسسة، وكأنها عملية لتبييض الأموال بعد تبييض المنتجات بقطع النظر عن مصدرها.
الحملة على البرنامج كشفت حجم تأثير الإنستغراموزات المتصاعد وقدرتهن على جلب اهتمام الإعلام التقليدي نفسه المتضرر من تمدد أنشطتهن الافتراضية، فقد تسابق منشطون ومقدمون لبرامج على استضافة “المتضررات” من “الحقائق الأربع”، وفتحوا لهن المجال لحملة مضادة تحوّل الوسائط الافتراضية إلى أرض طاهرة لا ظلم فيها ولا تحايل.
مختار الدبابي
كاتب وصحافي تونسي