العلاقات المصرية السعودية .. مصير مشترك

بقلم أحمد حساني آذار/مارس 31, 2023 185

 

 

بقلم/ أحمد حساني المدير التنفيذي لمركز سعود زايد للدراسات البحثية والسياسية والاستراتيجية.

تؤكد صفحات التاريخ القديم والحديث أن مصر والسعودية هما قُطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي، علي المستوي السياسي والاقتصادي والديني، وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن والتكامل العربي، والوصول إلى الأهداف الخيِّرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.

فمن خلال ذلك التاريخ الماضي والحاضر والمستقبل، كانت الرياض والقاهرة أكبر حليفين، وفي المقابل سعتا الدولتين بشكل سريع لتكوين مستقبل مشرق وواضح يحقق العمل على ما يجمع الأمة من دون النظر إلى بعض الاختلافات في وجهات النظر، "فلكل دولة الحق والرأي في ما تعتقد أنه يحقق مصالحها.

فالعلاقات المشتركة والمصالح المتبادلة بين السعودية ومصر على جميع الأوجه السياسية والاقتصادية والتجارية لها تاريخ وجذور من الترابط والتماسك في السراء والضراء، ففي ذاكرة العلاقات كانت مصر تقف بجوار السعودية وكان لها السبق في عهود فائتة بمنح أرض الحجاز عطايا لا ترد وتكايا وآلاف الأفدنة من أراضي الصعيد في الوادي وبعض الأراضي بمحافظة الغربية بالدلتا للحرم المكي، كما تظهر حجج الوقف بدار الوثائق المصرية المسجلة برقم 3280، بالإضافة إلى 3 آلاف أردب قمح يوميا لبلاد الحجاز، مؤكدين أن مصر ظلت تقدم ما يوازي مليار جنيه سنويا للسعودية لمئات السنين.

وحيث إن المساندات وآليات الدعم كانت دوما ثنائية الاتجاه فالمملكة العربية السعودية تقف بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقدمت لمصر في 1956 نحو 100 مليون دولار، وساندت مصر في العدوان الثلاثي وشارك في الحرب الملك سلمان والملك فهد والأمير تركي، والأمير محمد، وبعد انتهاء العدوان الثلاثي قام الملك سلمان بتشكيل لجنة لجمع التبرعات لصالح أهالي السويس، باسم لجنة التبرع لمنكوبي السويس.

فالعلاقات المصرية - السعودية مثال عربي يحتذى في مجال العلاقات بين الدول في مجالات مختلفة؛ منها الاقتصادي والتجاري والصناعي والعسكري والتقني والطبي وحتى العلاقات الثقافية والدينية، حيث تم الاتفاق على نهج الفتوى واعتبار أن الاختلاف هو اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد.

ولعل مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية المشتركة مع السعودية مثال ناجح على حجم التبادل الاقتصادي، فالقاهرة بين أكبر 20 شريكا تجارياً للرياض بنحو أكثر من مائة مليار هو حجم التبادل التجاري بين السعودية ومصر خلال 10 أعوام ماضية، وفق تقرير جريدة «الاقتصادية.

التلاقي السعودي - المصري هو تكامل أدوار لأكبر قوى عربية وإقليمية فاعلة في المنطقة، ربطه تاريخ طويل، وليس وليد اليوم وليس موجها ضد أحد، بل كان الدور المشترك السعودي - المصري داعماً ورافداً لقضايا الأمة العربية والإسلامية وعامل توازن واستقرار أمام محاولات الاستقطاب والاحتواء والتغول الإيراني في المنطقة العربية خاصة، والإسلامية عامة.

تطور العلاقات السعودية - المصرية بالتأكيد ينعكس إيجاباً على القضايا العربية والمشاكل في دول المنطقة بدءاً من سوريا ومرورا بليبيا وانتهاء باليمن والعراق، فالتغول العدواني في المنطقة يضع الدولتين (مصر والسعودية) في سلة واحدة في تعاطيه مع المنطقة، وبالتالي لا يمكن أن يكون الموقف العربي منفردا في مواجهة هذا التغول، فالتحالف المتوازن بين السعودية ومصر يقوم على رفض كل التدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية.

العلاقات السعودية - المصرية ستبقى متميزة ثابتة لأنها مستمدة من تاريخ طويل جمع البلدين والشعبين عبر سلسلة من الأحداث والوقائع يمكنها أن تحصن العلاقات من أي خلافات تشوبها أو تعترضها مستقبلاً.

فالعلاقات السعودية المصرية متجذرة منذ القدم في قلوبنا كدولتين وقيادتين وشعبين يجمعنا الدين والوئام والأخوة والدم والعروبة، وسنبقى جميعا خنجر في خاصرة كل من يحاول بث الوقيعة بين الأشقاء لهدف التفرقة ولن ينالوا ذلك أبدا.

قال تعالي "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا” آية كريمة تكاد تلخص أهمية الوحدة العربية كفكرة نابعة من قلب التراث، وكحاجة لمواجهة كل التحديات والمخاطر، وكطريق لمستقبل العرب الذين لا مستقبل لهم بدون الوحدة.

فقد جاءت أحداث تاريخنا القديم والمعاصر لتؤكد سلامة قانون الوحدة، حيث ما توحد العرب أو بعضهم مرّة إلا وحققوا النصر على أعدائهم، والازدهار لمجتمعاتهم، وما تفرق العرب مرّة إلا وذاقوا مرّ الهزائم ومرارة الفشل وقسوة العيش.

وتمثل كل من مصر ودول مجلس التعاون الخليجي مراكز قوى أساسية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وقد لعب كلّ منها أدوارًا محورية في تاريخ المنطقة وتشكيل توازناتها، وعلى الرغم من أن الصلات الدبلوماسية بين الطرفين لم تعبّر دائما عن توافق، إلا أن للعلاقة بينهما أبعادا ثقافية وديموغرافية وإقتصادية وثيقة تجعل منها عمقا إستراتيجيا أساسيا لهذه الدول لا يمكن تجاوزه.

وإننا نود أن نرى التكامل العربى بين جميع الدول العربية، فالتحديات صعبة ونواجه عواصف ثقافية وسياسية واحدة، ومصير مشترك وهذا يتطلب التلاحم والوحدة لمواجهة أي مخاطر محلية أو إقليمية أو عالمية.

قيم الموضوع
(2 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه