هل ستفقد الولايات المتحدة دورها العالمي؟

بقلم علاء الخطيب نيسان/أبريل 28, 2023 213

هل ستفقد الولايات المتحدة دورها العالمي؟

 

علاء الخطيب

يوماً بعد يوم تتسع رقعة الهيمنة الصينية على الدبلوماسية العالمية ، وتلعب الصين ادواراً مهما في رسم نظام عالمي جديد ، فعلى مدى أكثر من قرن خضع العالم للهيمنة الامريكية ،بثروتها ومؤسساتها وأفكارها وتحالفاتها وشراكاتها، بيد أن الحال قد تغير ، و أن زمن امريكا يشارف على الانتهاء، ومن المحتم ان يفسح المجال للاعب ومنافس جديد وهو الصين ، الذي لا تخفي طموحها في ازاحة امريكا عن موقعها كقطب أوحد ، ففي فبراير (شباط) 2022 أصدر الرئيسان الصيني شي جين بينغ و الروسي فلاديمير بوتين بياناً مشتركاً ذكرا فيه مبادئ “حقبة جديدة” لا تحكم فيها الولايات المتحدة العالم، وكان ذلك بمثابة رسالة تحذيرية للولايات المتحدة التي توشك على الغرق.

وبعد النجاحات الكبيرة التي حققها ويحققها الرئيس الصيني ” بينغ ” في الدبلوماسية العالمية كـ التقارب السعودي الايراني و تخلي البرازيل عن التعامل بالدولار واقناع دول اسوية وربما السعودية ودول اخرى بالتخلي عن العملة الامريكية .
وبعد المطالبات الاوربية للصين بالقيام بدور الوساطة في حل النزاع الروسي الاوكراني ، جاء دور الرئيس زيلينسكي ليطلب من الصين بشكل مباشر ان تقوم بدور الوساطة ، ليبلغه الرئيس الصيني شي جين بينغ ان طريق المفاوضات هو الوحيد لحل النزاع مع روسيا .

ويشار إلى أنّ الصين قدمت، في فبراير/شباط الماضي، وثيقة مكونة من 12 بنداً، تعرض موقف بكين من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، ودعت الوثيقة إلى وقف القتال وإطلاق مفاوضات سلام بين روسيا وأوكرانيا في أقرب وقت.
وعن هذه الوثبقة قال للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنّ “العديد من بنود خطة السلام الصينية يمكن أن تُشكل أساساً للتسوية، عندما يكون الغرب وكييف على استعداد لذلك”.

طلبُ الرئيس الاوكراني ومن قبله الرئيس ماكرون ، ورئيسة المفوضية الاوربية من الصين بالوساطة بين روسيا اوكرانيا، يؤشر الى تراجع الدور الامريكي وضعف السياسة الامريكية في العالم، والاعتراف بالدور الصيني .
ويمكن القول ان زيلينسكي قد فهم المعادلة ، وهي ان امريكا وحلفاؤها لايريدون حل المشكلة، كما انهم لا يساعدون اوكرانيا بغية الوقوف بوجه روسيا والصمود امامها ، بقدر ما يريدون اضعاف روسيا وجعل اوكرانيا بوجه المدفع كضحية ، فليس هناك اهمية لتدميرها وتشريد شعبها .
من ناحية اخرى يبدو ان تراجع الاقتصاد الامريكي وموجة الغلاء التي تجتاح اوربا ، ارسلت رسائل الى اوكرانيا وان كانت غير مباشرة ، مفادها أن الدعم الاوربي قد ينفذ ، وسيقول الاوربيون للاوكران اذهبوا انتم وربكم فقاتلوا.
وبالتأكيد ستميل كفة التوازن لصالح روسيا .

فقد طالت الحرب ولم تحقق اوكرانيا اي تقدم يذكر رغم الدعم السياسي والاعلامي واللوجستي.

وكان لابد لاوكرانيا ان تفكر ملياً في هذا الواقع الذي يزداد سوءً كلما طالت المدة .

الصين من ناحيتها مرتاحة لهذا الدور الذي جعلها قطباً قويا فاعلاً وموثوقاً في السياسة الدولية، مقابل الولايات المتحدة ،التي تبدو منزعجة جداً من الصين، وترى ان بكين تنافسها فى قيادة العالم ، وتحتل مكانها ، ولعل ما يثير حنق واشنطن هو رغبة و تجاوب دول العالم مع الصين كوسيط موثوق وعادل .
وقد قامت الصين بالفعل بخطوتها الاولى نحو التهيئة لحوار روسي اوكراني، فقد أكدت وزارة الخارجية الصينية أنّ شي أبلغ زيلينسكي، بأنّ بكين سترسل مبعوثاً خاصاً إلى أوكرانيا، ودول أخرى لإجراء محادثات معمقة مع جميع الأطراف، بهدف البحث عن “تسوية سياسية” للنزاع.
تحرك الصين نحو الوساطة بين كييف وموسكو لن يمر دون رد فعل امريكي. تجاه اوكرانيا على الاقل، لكنه سيعطي زخماً كبيرا لبكين ، خصوصاً وان الاوربين يرغبون بان تلعب الصين هذا الدور وان لم يجاهروا بهذا الموقف . والموقف الاوربي بمطالبة الصين في التدخل بحد ذاته يشكل تحول كبير باتجاه امريكا.
مما سيفتح الطريق امام النظام العالمي الجديد، الذي ترغب روسيا و الصين ان يكون متعدد الاطراف.
لكن السؤال الاهم هل سيتشكل النظام العالمي الجديد دون حرب ومواجهة ، وهل ستستسلم الولايات المتحد والعالم “الليبرالي” للرؤية الصينية الروسية ؟
وهل ستساهم الدول المناهضة لامريكا في دعم المشروع الصيني الروسي ؟ فبكل الاحوال التحول الى النظام الجديد لن يكون سهلا او سلساً ودون ثمن .

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه