"أشياء يصعب الحديث عنها"

بقلم حلا فراس سليمان تموز/يوليو 10, 2023 278

حلا فراس سليمان

ذكرها مُخلَّد
نسيانها مُحرَّم
لكن في كتابتها حياة
عشقٌ أو ربّما توه
في تفاصيل جسد
ضياعٌ وغرق
في بحر عينين
وخصلات شعر
قيودٌ وتكبيل بين عشرة أصابع
احترقت، فذاب قلبي
شوقاً
أو ربما هذه طقوس موت الشّموع
مرميٌّ بين أسوار صدر
شيءٌ ما بجانبي يخفق بسرعة
وأحياناً يتوقف لساعات
أظنها ساعة اللقاء
في الحلم كانت أو في الحياة
لكنّه لقاء
نظرة
قبلة أو حتى عناق
رائحة ياسمين، وآثار أحمر الشّفاه
تأصّلت بي، و باتت مني
جنونٌ ورياح
بين أغصان الشجر
وفستانٌ من خيوط الشمس يغطي العشب
فيرتمي المطر فوقه ليناله السّلام
رداءٌ حريري حالك فوق عنق السّحاب
وثغرٌ يبتسم
أقتربُ خطوة داخل حدود القدر
فيصرخ:
توقف
غيمةٌ بيضاء بحجمنا إن تعانقنا
وكأنها إشارة من الموت
عانِقها
أقتربُ خطوة أخرى فيصرخ القدر مجدداً:
قلت لك توقف
غصنٌ يمتد أمامي
تشتهي عصافير الأرض أن تغّرد فوقه
وفي آخره ورقة تشير بأن أقترب
أنظر حولي بذعر بحثاً عن ذلك الرجل
لا يوجد أحد
ربما دخل حدوده عاشقٌ آخر
كل ما حولي يدفعني لأن أقترب
نظرت إليها مجدداً
فكانت مجرّة مليئة بالكواكب أمام ناظري
وأنفها ملاصقٌ لأنفي
بدأتُ أتنفس
وكانت حياتي
صوت يحاصرنا من كل اتجاه ويصرخ:
لا
ْأحطّتُ خصرها بيدي
خوفاً من أن تعاد تلك الجريمة
واقتربتُ خطوة أخيره
شلالات رموشها الساحرة
ونظرة عينيها التي اختطفتها من خلف ذلك الشّلال
تجعل روحي تضحك
ويملئ صداها الأرجاء
فيعتبرها القدر إهانة
جنود يحاصروننا من كل جانب
تضع يدها فوق قلبي وتقول:
لا تخف
طيارات من فوقنا
أسلحة وإنذارات
ترفع يدها إلى عنقي وتكرر:
لا تخف
بعد نصف ساعة من الثّبات
تعب الجميع إلّا نحن
حيينا حين اقتربنا
لا فاصل ولا حاجز
ولا حتى ذرَّة هواء بيننا
بأمر من القدر اقترب الجنود
أمسكوا بيدينا وقدمينا وكل ما فينا وصرخوا:
تفرقوا
حين شعرت بأن لقاءنا على وشك الانتهاء
أحاطت بيديها عنقي بقوة
ّوبقبلةٍ مسروقة من جبين الّليل جعلت كل من حولنا يتجمد
حتى القدر شُلّت حركته
حتى المطر والرعد
ّلا شيء يُسمَع إلّا نبضات قلبي
مختلطة بنبضات قلبها
ليت الزمن يتوقف هنا ويبقيني مرمياً على حدود ثغرها
ليتني أموت هنا
عشرة دقائق أعادت لي عمري الذي مضى
حييت من جديد
في وسط هذا الهدوء ولحن القلوب
صوت قوي فيه شيء من العظمة، يقول:
يكفي يا كايا
أبعدت وجهها ويديها عني
التقطتُ القليل من حبات المطر التي كانت تسيل على وجهها قبل أن تبتعد
مازالت تعانقني
بنظراتها
وهي تبتعد خطوة خطوة
جاء الموت ليعيدها
نظرت خلفي لأرى ما إن كانت الحياة قد جاءت لأخذي أيضاً
فوجدّت القدر بجانبه شبح
عرفت أنه الماضي
أعدت النظر إلى الأمام فلم أجدها
لقد ذهبت
وتلاشى الهدوء
ومعه ضحكتي
عادت الرياح، والعشب يعانقه المطر
والأض تلفظ أنفاسها
صففت شعري بيدي و فتحت آخر زر في قميصي و وضعت يدي في جيب سروالي
ّثم استدرت ومشيت دون أن أنظر لعينيّ ذلك الرجل البغيض
بقيت خطواتهم ترافقني إلى أن فتحت عيني على صوت طقطقة باب الشرفة
نهضت وسرت باتجاه الباب ثم نظرت هكذا إلى الخارج وكأنني أبحث عن أحد
مّررت يدي فوق ثغري ببطء وابتسمت
أغلقت الباب وعدت إلى السرير على أمل أن يعاد الحلم لكن هذه المرة أن يكون بحوزتي بندقية، أقتل بها كل من كان هناك
ونهرب معا إلى الموت
ونبقى هكذا
لامكان لذرّة هواءٍ بيننا.

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه