أختار الأريحية على التعقيد
طالما كانت الجمل البسيطة قادرة على نقل المعنى، فلماذا التعقيد.
الأريحية أيضا لها مكانها
هذا تحذير رسمي. اشرب قهوتك الصباحية أو كوب الشاي لتصحصح قبل أن تكتب أي شيء على مجموعة عمل على سكايب مثلا أو ترسل تغريدة على منصة أكس. ليست المشكلة فيما ستقول. عادة تتحدث مع شخص تثق فيه. لكن من الوارد أنك تحادث الحساب الخطأ أو المجموعة غير المعنية.
حدث هذا صباح أمس مع زميل. في مجموعة، كتب كلاما لا غبار عليه، ولكنه خاص. عندما نبهته، قال إنّها القهوة. وهي كذلك لأن مواقف شبيهة تكررت معي.
قبل عالم التسريبات الفيديوية مع انتشار المحمول، كان الناس يلتقطون تسريبات نصية، وبعض الأحيان يسترقون السمع أو التنصت بتسجيل. هذا عالم معروف، منذ يوم أصبح التجسس والإنصات مهنة، دخلها من قبل الجواسيس وتصاحب كل أذن تنصت وتستفيد.
ما نقوله أمام اثنين عادة يختلف عما نقوله أمام واحد. ثمة جوانب كثيرة نراعيها. نتحسب. ليس الموضوع في سر أو إفشاء معلومة. الكلام الجمعي يختلف.
خذ مثلا لسياسي يتحدث إلى سياسي زميل. أو زعيم يتحدث إلى زائر. كل شيء يعيد صياغة نفسه بعدد المستمعين ومن يكونون، وفي أي مجال مكاني نتحدث.
خذ مثلا كيف يتطور الحديث بين كلمة تقال في مناسبة مثل ورشة أو ندوة، أو كلمة في مؤتمر. نصل إلى الذروة في خطب السياسيين وانتقائهم المفردات والصياغات والعبر. البعض يستهين بفرصة الحديث إلى جمع أو شعب، وللأسف تضيع الكثير من المعاني في تضخيم المفردات والتكلف. لكن بالتأكيد الخطب أُعدت ليسمعها الجميع، من يرضى عنها أو لا تروق له.
هذا لا يعني انعدام الأريحية. الكلام واسطتنا للوصول إلى الآخر. الأريحية ضرورية لأنها تبسط المطلوب. كلما زادت الرطانة، كلما غاب المعنى. البساطة أساس من أسس التفاهم. طالما كانت الجمل البسيطة قادرة على نقل المعنى، فلماذا التعقيد.
زميلي شطب بعض العبارات. أحسن بفعله. الأريحية أيضا لها مكانها. سواء دردشة في مقهى أو مباشرة على سكايب أو في مجموعة صغيرة.
في مناسبات متكررة، تجد أن تعليقات بسيطة على مجموعة عمل تتحول إلى مشكلة بسبب الاطلاع عليها بعد حين أو خارج سياقها. المجموعات يمكن الإساءة إليها، لتتحول إلى منبر هتاف. شيء يشبه الوقوف أمام محاضر يلقي كلمة في ندوة. بعض الأحيان الردود اعتباطية ولا تستكمل معنى أو تفيد. معادلة الأريحية والتباسط تبدو بسيطة ولكن ليست مضمونة.
لكن بين خيار الأريحية والتعقيد أختار الأريحية. بالنهاية الناس لديهم فكرة عمن تكون. شوية قهوة والمسامح كريم.
د. هيثم الزبيدي
كاتب من العراق مقيم في لندن