(الارهاب بين الدين والسياسة )ج2

بقلم موفق الخطاب آب/أغسطس 16, 2023 57

موفق الخطاب

كنا قد تطرقنا في الجزء الأول من المقال اعلاه عن الإرهاب و تفسير المعسكر الغربي له وخاصة الدول الكبرى دائمة العضوية وإتهامهم للمناهضين لنهجهم والرازخين تحت جبروتهم بالإرهاب وملاحقتهم ومعاداتهم واتهامهم للأنظمة التي لا تتماشى مع مخططاتهم والسعي لاسقاطها بقانون القوة لا بقوة القانون! تحت مسميات زائفة بنشر الديمقراطية ووالدفاع عن حقوق الإنسان مسخرة مطيتها مجلس الامن الدولي ، مع تبنيهم لمجاميع تكفيرية ورعايتهم لها وزرعهم وسط الشعوب المضطهدة بالتعاون مع الأنظمة العميلة للقضاء على أي معارضة و مقاومة لهم ولعملائهم بعد وصمهم بالإرهاب .
ومن عاصر ما حدث في العراق و سوريا وليبيا من تلك الشعوب التي عانت من الاحتلال المزدوج يدرك تماما الدور الخبيث للغرب في تدميرها بحجة مقارعة الارهاب ..

 أما المعسكر الثاني فهو معسكر الأغلبية العظمى من دول العالم الإسلامي الذي يختلف تماماً في تفسيره للإرهاب، فهو دائماً ما يصرح بأنه يدين الإرهاب ويتبرأ من أتباعه ويؤكد أنه لا يمت للدين بكل طوائفه ومذاهبه بصلة، بل أن النصوص القرآنية والسنة النبوية قد حرمت و بشكل صريح قتل النفس البريئة بغير نفس وحتى التحريض على قتله ولو بشطر كلمة.

إذن لو كان فكر الإرهاب ونهجهم كما يدعون ويتهمون به الإسلام قد دعت إليه الشريعة وله ما يبرره ويدعمه من نصوص لكان قد امتد شرقا وغربا ولم ينحصر في جحور ضيقة و لوقف تحت مظلته الكثير من علماء وعقلاء ومفكري الأمة ولتبعه عشرات الملايين من المسلمين ولما بقي محصوراً في الوديان وسفوح الجبال، ومن الملفت للنظر أن المناطق التي كانت تئن تحت حكمهم قبل تحريرها كالأنبار والموصل وبنغازي وحلب قد وقعت بين المطرقة والسندان، ولم تتبعهم مغرمة بل مرغمة بتهديد السيف وقطع الرؤوس، وكانت الشعوب تعاني الأمرين من تخلفهم وجهلهم، لكن ماحدث لهم شكل صدمة كبيرة بعد اجماع العالم على معاقبة الضحية دون ذنب اقترفوه سوى حظهم العاثر الذي جعلهم تحت سطوتهم وفسح المجال لهم بالتمدد وعدم إستأصال شأفتهم.
نستخلص أن الفرق والبون بين المعسكرين كبير، فتفهم مفكري وعلماء العالم الإسلامي وتعريفهم للإرهاب وتصديهم له وفضح فكره المنحرف أوقف تمدده وزحفه وتفادي شرره على النقيض من ذلك استمرار الدعم الغربي اللامحدود بعد أن إتضح للعالم وبما لا يقبل الشك من هي الجهة الحاضنة لهذا الفكر المتطرف وكيف يتم تمويله .
لكنه ومن الناحية الفعلية فقد سقط ذلك التنظيم تماما نتيجة الوعي الجماهيري وهو الآن في مرحلة الاحتضار الوجودي بعد أن دفن كفكر مريض منحرف، لكن ربما سيستعيد نشاطه كأعراض مرض ما لم يوقف الغرب ظلمه ويكف عن الكيل بمكيالين.
وبعد أن تناولنا بإيجاز شديد أصل الإرهاب ونشوءه وحاضنته وتداعياته نحاول إعطاء تعريف له وتبقى المعضلة الاساسية في عدم تحديد مفهوم واحد للارهاب من الفرقاء تتمثل في المصالح المشتركة للإفادة من هذا الفكر الإجرامي في ضرب الخصوم .
فالاٍرهاب هو :
( كل عمل وجريمة وكلمة وتحريض من شأنه أن يؤدي الى خلق حالة من الهلع والذعر وعدم الاستقرار يقوم به أفراد أو جماعات موجهة وتتبناه دول و أنظمة ضد الشعوب الآمنة ويدخل تحت هذا التوصيف تجار المخدرات وتجارة البشر ومن يحاول ضرب المجتمعات من خلال نشر الفاحشة والتفكك الأسري والنبش في الخلافات وتبني الطائفية وحكم المحاصصة ومحاربة الحرية )..

أما الإصرار على التفسير الخاطئ للإرهاب من قبل المعسكر الغربي واستمراره بمعاقبة الشعوب الإسلامية دون تمييز والإستقواء على العالم الثالث ودعمهم للأنظمة الفاشيةالتي تعاقب شعوبها عند انتفاضتها بسن قوانين جائرة عند مطالبتها بالاصلاح فهذا سيؤدي في القريب العاجل إلى زحف المستضعفين إلى عقر دارهم، و ما لم يتراجع المعسكر الغربي عن غيه ويغير من نهجه فستدخل المنطقة والعالم في فوضى جديدة ستجتاح دولهم تباعاً، مما سيقودنا حتماً إلى حرب عالمية ثالثة قد تعيدنا إلى العصر الحجري و ينتهي بها الوجود البشري.

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه