إهمال عيال
قضية إهمال العيال تُرفع على الآباء الذين لا ينفقون على أطفالهم لسبب أو لآخر، وعادة ما يتورط فيها المدمنون ممن يفضلون شراء خمرهم أو مخدراتهم على قوت صغارهم
شكوى ثلاجة
اشتكت ثلاجة قادمة من مطبخ عائلة متوسطة الحال على رب الأسرة متهمة إياه بالإهمال، وكأنها واحدة من الذين يعيشون معه تحت سقف واحد.
وقضية إهمال العيال تُرفع على الآباء الذين لا ينفقون على أطفالهم لسبب أو لآخر، وعادة ما يتورط فيها المدمنون ممن يفضلون شراء خمرهم أو مخدراتهم على قوت صغارهم.
قال قسم التجميد من الثلاجة في الشكوى التي حررها بمفرده على مالكه أنه لم ير اللحم الأحمر منذ عيد الأضحى، ومازال يذكر أنه حُشي بأكياس صغيرة من بروتين الخرفان، منها ما هو مخصص للعائلة ومنها ما كان متوجها للفقراء، لكن تمت تحويل وجهته إلى طنجرة البيت، فالأقربون أولى بالصدقة.
وأضاف إلى شكواه مساوئ رائحة الدجاج الذي لم يرع في الأرض ولا رأى عشبا، بل أتى من بيضة عاشت في مفقسة لتخرج بعد ذلك صيصان لا تفرق بين الليل والنهار لأنها لا تعرف الظلمة.
لكنه شكر مالكه من إعفائه من رائحة السمك الكريهة رغم لمعان ألوانها، وذكر أن السردين يأتي أحيانا إلى الأدراج السفلى ولا يفوت وجبة الغداء.
إثر المعاينة لهذا القسم من قبل الجهات التي تتابع الشكوى وقع اكتشاف قطع خبز قابعة وسط الثلج كالدب الأبيض في سباته.
الأقسام المخصصة للحليب ومشتقاته والتي تكون عادة في باب الثلاجة حَبّرت هي الأخرى قضية تشكو فيها نسيان الجبن حتى إنها أصبحت لا تفرق بينه (الجبن) والزبدة.
وحده قسم البيض راض عن حاله بعد أن سمع الأقسام الأخرى، فهان عليه وضعه، بل رأى نفسه محظوظا.
كان هناك درج مخصص للغلال والفواكه قدم هو الآخر شكوى تعويض بعد أن هجره العنب والتفاح والبطيخ، واحتلته قوارير الماء البلاستيكية المملوءة من الحنفية، حتى المشروبات الغازية التي كانت تزينه أحيانا في يوم العطلة الأسبوعية انقطعت.
شكوى الثلاجة لم تتوقف عند هذه الأقسام التي تعودت بالبذخ، وكلها رفضت أي تعليل يقدمه المتهم الذي توعدهم بتمتمات غير مفهومة لكنها تنم عن غضب من غدرهم.
القسم السفلي والمخصص للخضار بقي كالأم التي تأكل ما يرفضه أطفالها أو يستغنون عنه وتقول إنها شبعت، كتب في محضر القضية أنه لا يشكو شيئا يستحق، لكنه يعاني من رائحة وأوساخ الخضار التي تصله بكدمات وعفن وكأنها خسرت معركة مع البَرَد وزحمة النقل.
تنهد رب الأسرة وهو المتهم الرئيسي في القضية حين أتى دوره في مكافحة الثلاجة التي عرفت معه عصرا لن يُنسيها فيه إلا لؤمها، وقال في إجابته: سيدي هل تحرر لي إعلانا في بيع هذا الصندوق الجحود. وطلب كتابة جملة في الأخير: الثمن بخس.. والمزاد في منتصف الشهر.
لطيف جابالله
صحافي تونسي