محمّد.. سيدُنا وسَيَّدنا
الكاتب يحيى الزيدي
تستعد الأمّةُ الإسلامية والشعب العراقيّ للاحتفال بمولد سيد الكائنات وفخرها وخاتم الانبياء والرسل، محمّد «صلى الله عليه وآله وسلم» والذي يوافق في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام، وكلٌ على طريقته الخاصة.
والاحتفالُ بمولد الرسول محمّد «عليه الصلاة والسلام»، «الرحمة المهداة»، هو استذكارٌ لسيرته العطرة، ورسالته العظيمة، وفضائله وأخلاقه.. فتجد ألسنةَ الناس في هذا اليوم رطبةً بذكر الله، والصلاة على رسوله الكريم، وسط أجواءٍ من الفرح والبهجة، وسماع المناقب النبوية والمدائح، والأذكار والأحاديث التي تتحدث عن مكانةِ رسولنا الكريم.
إن أعظمَ رحمة حظيت بها البشريّةُ من ربّها هي إرسال نبيّ الرحمة والهدى، محمّد، «صلى الله عليه وسلم».. قال سبحانه وتعالى، مبيّنا هذه النعمة، وممتناً على عباده بها: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»، فما من مخلوقٍ على هذه الأرض إلا وقد نال حظاً من هذه الرحمة المهداة.
وإذا كانت بعثته «عليه الصلاة والسلام» ما هي إلّا رحمة، فكيف كانت رحمة من هو في أصله رحمة ؟!
والرحمةُ صفةٌ إلهيّة، نعت الله بها نفسه في مواضع من القرآن الكريم.. فهو سبحانه رحمن رؤوف، غفور رحيم، بل أرحم الراحمين، وأخبر سبحانه عن نفسه بأنه واسع الرحمة، وأن رحمته وسعت كلَّ شيء.
لقد تمثّلت «الرحمة» في رسولنا الكريم في أكمل صُورها، وأعظم معانيها.. ومظاهر رحمته قد حفلت بها سيرته، وامتلأت بها شريعته.
فرحم الصغيرَ والكبير، والغنيّ والفقير، والقريبَ والبعيد، والعدوّ والصديق، بل شملت رحمته الحيوانَ والجماد، وما من سبيلٍ يوصل إلى رحمة الله، إلا جلاه لأمته، وحضّهم على سلوكه، وما من طريقٍ يبعد الناس عن رحمة الله، إلا زجرهم عنه، وحذّرهم منه، كل ذلك رحمة بهم وشفقة عليهم.
أما عن رحمته بأمّته، فهذا يحتاج لكتابٍ ومقالاتٍ لا تعدّ ولا تحصى، ولا تكفي هذه العجالة، وكفى بقوله تعالى: «قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ » .
أقول.. محمّد (صلى الله عليه وسلم). سّيدنا وسيد الأولين والآخرين كما قال (عليه الصلاة والسلام): «أنا سيد ولد آدم» .. وسَيَدَنا (بالفتح)، حيث أصبحنا بفضله أسياداً على العالم بأخلاقنا وتواضعنا وتراحمنا.
أقول.. لو سارت الشعوبُ الإسلامية والعربيّة جميعها على نهج ورسالة النبي محمد «صلَّى الله عليه وآله وسلم» السامية لما اتّسعت دائرةُ العنف الدموي باسم الإسلام، ولا كثر الفساد والشقاق والنفاق.
نعم .. سيبقى النبي محمّد «صلَّى الله عليه وسلم» هو “الأسوة الحسنة” للناس في كل زمانٍ ومكان.. سيظلّ لأن الله تعالى أمرنا بهذا في القرآن الكريم، قال جلّ شأنه : « لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» .
أما عن خلقه العظيم، فقد ذكره الله في القرآن الكريم بقوله تعالى: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».
كتب الكثيرُ من العلماء والشعراء أجمل الكلمات بحق رسولنا الكريم، لكن شاعر الرسول حسان بن ثابت قال في «الرحمة المهداة» أجمل كلمات الشعر:
وَأَحْسْنُ مِنْكَ لَمْ تَرَ قَطُّ عَيْنِي *** وَأَجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النَّسَاءُ
خُلِقْـتَ مُبَرَّءًا مِنْ كُـلَّ عَيْـبٍ *** كأَنَّكَ قَدْ خُلِقْـتَ كَمَا تَشَـاءُ
إذاً.. الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في بلدنا له طعمٌ خاص، وسط أجواءٍ مفعمة بالإيمان والفرح.. تجد البهجةَ والسرور في بيوت الناس، وعلى وجوههم، صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً، والأهالي يتبادلون التهاني وأطباق الطعام والحلوى، فضلاً عن انتشار المناقب النبويّة والأناشيد التي تمجد رسولنا الكريم، وأعلام «محمد قدوتنا».
أما مدينةُ الأعظميّة، فتسمى في مثل هذا اليوم بـ»عروس المولد»، لأن الاحتفال المركزي في جامع أبي حنيفة النعمان له طعم خاص.. فتجد الناسَ والعوائل بكثرةٍ في الأعظمية.
وفي الختام أقول.. بعد ما كتبت، دعونا نستذكرُ في هذه الأيام، وكل الأيام، الرحمةَ والأخلاق، والأعمال والصفات العظيمة لرسولنا الكريم، ونتمسك ونقتدي بها.. ولنعلم أولادنا وبناتنا سيرته العطرة.