غياب الاخلاق في عصر الانحطاط

بقلم حسن راسم محمد أيلول/سبتمبر 21, 2023 69

حسن راسم محمد

قال رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم):((إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل وصائم النهار))"

ويقول المتنبي
"وما الحسن في وجه الفتى شرفا له"
"إذا لم يكن في فعله والخلائق"

"إن الاخلاق هي الكلمة الكبيرة والعظيمة ذات البعد العميق والهدف السامي والتي جاء ذكرها في شريعتنا الغراء من اقوال ربنا عز وجل وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام ولما لهذه الكلمة العظيمة من نتائج ومن ثمار ترد على الفرد وعلى الأسرة والمجتمع ولما لها من تأثير في رقي المجتمعات وسلامتها من الشرور والامراض وجعلها في مقام أعلا وأسمى، لأن البلدان التي تتقدم صناعيا او اقتصاديا او تجاريا لا بد ان يلحق بكل جانب من جوانبها مفهوم الاخلاق والا اصبحت كل هذه الجوانب بلا قيمة وبلا معنى،ولأن الاخلاق إما أن تبني شعوبا ودول وترتقي بها وإما ان تهدم بيوت وأسر وتفتك بالأجيال وذالك لما ستلحقه من ويلات سلوكية(قولية وفعلية على ابناء المجتمع) وبإذن الله ساتكلم عن دور الاخلاق الحسنة في بناء المجتمع وعن دور الاخلاق السيئة في تهديم المجتمع وذالك بشقين،

دور الأخلاق الحسنة في بناء المجتمع وتقدمه

"إن المجتمع الذي تسود فيه القيم الحميدة والمبادئ النبيلة والسلوكيات المهذبة والافعال الجميلة بالطبع وبالمحصلة الأخيرة سيكون مجتمع ناجع ومجتمع متقدم ومزدهر في كل جوانبه،
إن دور الأخلاق الحسنة في اصلاح المجتمع وتقدمه لهو دور عظيم وكبير إذ إن هذا الدور يبدأ وينمو ويغرس أولا في نواة المجتمع ومن قاعدته الاساس في النجاح والصلاح الا وهي الاسرة وبدئا بالطفل وذالك عندما ينمو الطفل في اسرة جيدة اسرة صالحة اسرة ذات التزام كبير بكتاب الله العظيم وسنة المصطفى الآمين عليه الصلاة والسلام فمن اليقين ومن البشائر والنتائج أن هذا الطفل سينمو على الاقوال الحسنة وعلى الافعال المباركة وسينشأ على معرفة الصح من الخطأ وسيقتدي بأفراد عائلته الذي يعتبرهم قدواته في التعامل مع الآخرين الى ان يصبح بالغا رشيدا وهو على هذه الخصال الحميدة الحسنة وعندما يكون الانسان صالحا بخلقه قويما بسلوكه فإن من شأن هذا الامر ان يرد على الاسرة والمجتمع بالخير والفلاح ويكون بذرة حسنة طيبة ستنتج ثمار طيبة مباركة وسيكون رحمة على اسرته ومجتمعه وسيؤدي دورا عظيما في جانب من جوانب الحياة وسيكون له اسما ومقاما كبيرا في اسرته ومجتمعه وكل هذا بسبب أن مفهوم الاخلاق قد عززه وسلحه بكل ما يحتاجه وبكل ما يطلبه من اجل التعامل مع نفسه اولا واسرته ومجتمعه ثانيا ولك يكون انسانا صالحا انسانا منتجا يستفاد منه كل الافراد،
ولو رأينا وتطلعنا على بعض الدول الكبيرة المتقدمة لوجدناها إن في كل جوانب التقدم الذي يحصل لها تجدها في جانب آخر وأساس تزرع في نفوس شعبها معنى الأخلاق وتغرس فيهم صفات الصدق والاخلاص وعدم الغش او الخيانة وتحمل المسؤولية من الناحية الخلقية وذالك لأن هذه الدول مؤمنة ايمان مطلق إن التقدم الذي يحصل لها إن لم يكن معه خلق عظيم ستكون النتائج بما لا يحمد عقباها عليها وعلى الآخرين،
فدور الاخلاق الحسنة في بناء المجتمع وأفراده لدور عظيم لجعله من اعظم المجتمعات وأسماها ولأن الاخلاق الحسنة هي تنقية النفوس وتنقية الاسر والمجتمعات من كل انواع الشر والسوء والبلاء"

دور الاخلاق السيئة في تهديم المجتمع وتحطيمه

"إذا اردت ان تهدم شعبا او تقتله او تجعل افراده عبارة عن شياطين تسير على الأرض فحطم قاعدة الاخلاق لديهم،
إن المجتمع الذي تسود فيه الاخلاق السيئة والصفات الشاذة والسلوكيات المنحرفة يصبح بلا أمن وأمان ويكون عبارة عن غابة يأكل البعض البعض الآخر وبلا حدود ولا خطوط لدى افراده وذالك لأن هذا الواعز وهذا الصوت الذي يناديه من الداخل والذي يأمره بالخير ويأمره بالحسنى قد مات وانتهى فاصبحت نفسه الامارة بالسوء وشيطانه الرجيم يتحكم به فيأمرانه بكل معاني الانحطاط والسقوط لأن الهدف السامي ولأن الفضيلة والايمان الذي في داخله قد تزعزع وذهب وحل محله الشيطان الذي لا يأمر بخير مطلقا،
إن الاخلاق السيئة تنشئ جيلا معدوما جيلا شاذا جيلا عكس الفطرة التي خلق الله عز وجل الناس عليها لأن الفرد في هذا المجتمع وهذه البيئة لم يتلقى ولم يستمع ولم يتعلم الا على الرذائل وعلى الانحراف وعلى الشذوذ بكافة اشكاله فكيف إذا ستكون النتائج والثمار وكيف سيحدث الاعمار والازدهار وكيف سيكون لهذا المجتمع اسما عظيما بين المجتمعات ?? بل على العكس ستطمس هويته الثقافية والحضارية وستتهدم اركانه الاساسية وسيكون مجتمعا فارغا وخاويا كالجسد الذي بلا روح وكالشجر الذي لا يثمر وسيعيشون افراده حياة بائسة تعيسة وكل ذالك هو بسبب انتشار الصفات الخلقية السيئة التي كان لها الدور العظيم في تفريق المجتمع وتهديمه وجعله اسيرا في وديان الشر والفساد لا يتقدم ولا يعلو ولأن هناك شر وسوء يتربصان به من كل الجوانب يقفان امامه ويعيقان حركته ونموه وازدهاره"

"وفي الختام إن الاخلاق اما ان تنقذ بلد من الظلام وتنجوا به الى بر الامان او العكس هو الصحيح والمسؤولية مشتركة ومتضامنة تقع على كل مثقف وعلى كل انسان لديه وعي وضمير حي بأن يدعوا الى الخير والصلاح ويدعو الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن المجتمع لا يخلو مطلقا من اناس صالحين ومفكرين ومثقفين وفي كل زمان ومكان فعليهم ان يأدوا دورهم في تجسيد وتعضيد مفاهيم الاخلاق الحسنة في نفوس الافراد وان يبينوا لهم مخاطر الاخلاق السيئة، وان يؤدي الدور كل شخص من موقعه ان كان معلما او شيخا او ابا او صديقا فعندما تنتشر في المجتمع اصوات تدعوا الى الخير والاصلاح وتنبذ السلوكيات المنحرفة والافكار الهدامة حينها ستشعر أن هذا البلد سيكون بخير وسينهض في يوما ما بإذن الله،
وأما اذا صمت الفضلاء واهل العقل الراجح والحكمة البليغة تجاه ما يحدث في مجتمعهم من خراب ودمار فكري وخلقي وثقافي فإن الشر سيزداد وينتشر ويدمر خصوصا إن دعاة الباطل والشر وجنود ابليس منتشرين في كل مكان وزمان وستحدث للمجتمع امور لا يحمد عقباها وفي حينها لات حين مندم"

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه