عودة الورق

صحيفة "لا تريبيون ديمانش" الجديدة ستخصص نصف صفحاتها لمتابعة القضايا الاجتماعية الكبرى والنصف الآخر للاهتمام بثقافة وفن العيش.

بانتظار المولود الجديد.. العمل على قدم وساق
يوم الأحد الـ8 من أكتوبر القادم، ستشهد فرنسا ظهور صحيفة ورقية جديدة في الأكشاك، ومبدئيا سيبلغ السحب 120 ألف نسخة. الخبر في حد ذاته منعش، ويشير إلى أن الصحافة المكتوبة يمكن أن تستمر، طالما استمر الكتاب والقراءة وتواصل عمل المطابع، وبقيت لدى الناس رغبة في ملامسة الورق وشم رائحة الحبر.

الصحيفة الجديدة اسمها "لا تريبيون ديمانش"، وهي امتداد لصحيفة "لا تريبيون" التي تأسست عام 1985، وفي العام 2012 تخلت عن طبعتها الورقية وتحولت إلى صحيفة يومية رقمية، ثم إلى أسبوعية في عام 2020، قبل أن يؤكد مديرها جان كريستوف تورتورا "هناك مجال لصحيفة يومية جديدة يوم الأحد" انطلاقا من أنه اليوم الذي يحظى فيه الفرنسيون بأكبر قدر من الوقت للقراءة، ولكن يوجد فيه أقل عدد من الصحف اليومية الوطنية وحيث شبكة التوزيع هي الأقل أهمية.

الصحيفة الجديدة اسمها "لا تريبيون ديمانش"، وهي امتداد لصحيفة "لا تريبيون" التي تأسست عام 1985
◙ الصحيفة الجديدة اسمها "لا تريبيون ديمانش"، وهي امتداد لصحيفة "لا تريبيون" التي تأسست عام 1985
الصحيفة الجديدة ستخصص نصف صفحاتها لمتابعة القضايا الاجتماعية الكبرى (السياسة والتعليم والمناخ وما إلى ذلك)، والنصف الآخر للاهتمام بثقافة وفن العيش، وهي لن تحمل خطا سياسيا واضحا، ولن تكون جزءا من الصراعات السياسية والأيديولوجية، ولكن ستتعامل مع الواقع وفق القناعات الفكرية لمحرّريها. سيكون هدفها الأول هو جمع الشعب الفرنسي حول مادة إعلامية خفيفة ومتنوعة .

أهمية الإعلان عن إطلاق الصحيفة الجديدة أنه جاء في الوقت الذي يسيطر فيه الحديث عن توقف عدد كبير من الصحف عن نشراتها الورقية، وفيما يعتقد البعض أن زمن الصحافة الورقية قد انتهى، تدفع بعض المؤشرات للاعتقاد بأن تلك الصحافة قد تعود بقوة في أيّ وقت قادم، ولكن بصياغات متطورة وبقدرة أكبر على إقناع القارئ وتنويع اهتماماته ومنحه مجالا أوسع لملاحقة اهتماماته المعرفية والخدمية والترفيهية.

في عام 1968، قال دوغلاس إنجلبارت رائد فأرة الكمبيوتر عبارته الشهيرة "إن الثورة الرقمية أهم بكثير من اختراع الكتابة أو حتى الطباعة". الحقيقة أن الصحافة المكتوبة دفعت ثمن التطور المذهل في الإعلام الإلكتروني، فبحسب مراكز الأبحاث، شهدت صناعة الصحف المطبوعة تراجعا كبيرا على مدى العقدين الماضيين. منذ عام 2004، انخفض توزيع الصحف خلال أيام الأسبوع في الولايات المتحدة بنسبة 57 في المئة، علاوة على ذلك، بين عامي 2008 و2019 انخفض عدد موظفي غرف الأخبار في صناعة الصحف بنسبة 51 في المئة.

نجاح المشروع الجديد يمكن أن يعيد الأمل لصانعي الجرائد والمجلات في فرنسا، حيث لا تزال القراءة تشغل نسبة كبيرة من الشعب، وفق استطلاعات الرأي، حيث قال 30 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عاما إنهم يعتبرون أنفسهم قراء متعطشين، كما أن 30 في المئة من النساء "نهمات في القراءة". وبالنسبة إلى الجرائد والمجالات يقول 41 في المئة من السكان إنهم يقرؤون صحيفة يومية واحدة على الأقل كل يوم، و47 في المئة مجلة واحدة على الأقل.

الحبيب الأسود

كاتب تونسي