أشهر المحاكمات الصحفيّة

الكاتب طه جزّاع

يُعَّد كتاب « أشهر المحاكمات الصحفية في العراق» واحداً من أهم المؤلفات التي أنجزها الصحفي والمؤرخ الراحل أحمد فوزي، وفيه توثيق دقيق للصحافة في العهد الملكي الذي شهد الكثير من المحاكمات الصحفية مع التبدل المستمر للحكومات والوزارات ورؤسائها، وكانت تلك المحاكمات تعكس واقعاً يتأرجح بين التضييق على الحريات الصحفية من جهة، وبين فضاء الحرية الواسع الذي تحميه استقلالية ونزاهة القضاء في ذلك العهد، والتعاطف الشعبي الواسع مع الصحفيين المحالين الى القضاء، متمثلا بتبرع العشرات من المحامين للدفاع عنهم ، والحضور الى المحاكم نصرة للصحفيين، وصوناً ودفاعاً عن حرية الصحافة.
تضمن الكتاب الذي صدر في العام 1985 خمسة محاكمات هي على التوالي محاكمة ابراهيم صالح شكر، جريدة الأماني القومية 1931، ومحاكمة كامل الجادرجي، صوت الأهالي 1946، ومحاكمة عزيز شريف، الوطن 1946، ومحاكمة قاسم حمودي، لواء الاستقلال 1947، ومحاكمة قدري محمود عزت، الدفاع 1953، وأخيرا محاكمة جريدة الجريدة 1953 التي مثل فيها مؤلف الكتاب نفسه أمام القضاء، ليتم تجريمه والحكم عليه بغرامة قدرها خمسون ديناراً، وعند عدم الدفع حبسه حبساً شديداً لمدة 45 يوماً!.
ومع أننا لا نغفل مسألة مهمة في تقييم كتبه، كما يقول المؤرخ والموثق الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف، وهي انه لا يلتزم بالقيود المنهجية الاكاديمية عند التأليف، لكن ما كتبه يُعد من المواد والمصادر الخام التي لا يستغني عنها أي باحثٍ أو طالب دراسات عليا في تاريخ العراق المعاصر حتى وأن اختلف معه في تفسيراته للوقائع والأحداث المختلفة.
نجدد توجيه الدعوة للناشرين لإعادة طبع بعض كتب أحمد فوزي المهمة التي نفدت في حينها من المكتبات، ومنها كتاب» أشهر المحاكمات الصحفيّة في العراق»، والبحث عن كتبه الأخرى المخطوطة التي لم تمهله المنية لطبعها قبل وفاته عن عمر مبكر، وهي في مجملها كتبٌ لا غنى عنها لأي باحثٍ، أو طالب علم، أو متخصص، أو قارئ نهمٍ للتاريخ، ولاسيما تاريخ العراق المعاصر الزاخر بالأحداث السياسية والاجتماعية التي انعكست على مسيرة وأداء الصحافة العراقية لكونها المرآة الصادقة لتلك الأحداث وما رافقها من مواقف متباينة.