أبلة فضيلة

بقلم رابعة الختام نيسان/أبريل 11, 2016 1098

أبلة فضيلة 
رابعة الختام
تعلمنا من صوتها الأمومي الحنون أروع القيم والمبادئ، على يديها أدركنا معنى العلم وقيمة الأب والأم وقيمة الادخار في طفولتنا، كان الصباح يأتي بصوتها العذب و”حدوتة” تعليمية وتنويرية من أبلة فضيلة، نجتمع حول الراديو على وقع كلمات “يا أولاد يا أولاد تعالوا معانا علشان نسمع أبلة فضيلة”، وتغلق الأمهات أبواب البيوت خلفنا على خلفية صوت موسيقى أغنية النهاية “واوا واوا واواه … أبلة.. أبلة فضيلة”.
لم تكن فضيلة توفيق خريجة كلية الحقوق المتدربة في مكتب وزير النقل حمدي باشا زكي، تعلم ما يخبئه لها القدر حين أبحرت سفينة الحياة بها في اتجاه مختلف والتقطتها الإذاعة المصرية للعمل كقارئة للنشرة الإخبارية، ثم الانتقال إلى برامج الأطفال لعذوبة صوتها وبراءته وطفولية نبرته، واقترن اسمها بأبيها الروحي المذيع اللامع بابا شارو.
أدخلتنا أبلة فضيلة وأمهاتنا والجدات عالم الحكي الساحر، بصوتها تعلم جيل كامل أرقى القيم والمثل العليا، أنا شخصيا دخلت معها عالم السحر الشائق وخرجت بحذاء السندريلا البلوري.
تعلمنا من الحدوتة ما عجزت عنه النصائح والإرشادات وكلمات افعل ولا تفعل المثيرة لحفيظة الطفل ومحركة مؤشر عناده نحو الصعود، رصعت برنامجها الرائع “غنوة وحدوتة” باستضافة الكثير من مشاهير العلم والفن والأدب والثقافة، حاورت موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب عن قيمة الفن والجمال في عالمنا، ومع العالم الدكتور فاروق الباز لامست أقدامنا الصغيرة أرض الحلم وسماء المعرفة في عالم مطروحة منه كلمة مستحيل، جاء إليها الأديب الكبير الرائع نجيب محفوظ مؤكدا على قيمة الحدوتة في تعليم الصغار شارحا تجربته الشخصية مع أمه التي لم تكن تعرف من مبادئ القراءة والكتابة شيئا، ولكنها حرصت على تعليم ابنها وكانت تزور معه متاحف القاهرة وحي الجمالية حتى تفتح وعيه على جمال الحارة المصرية ووصل بالحكي إلى عنان السماء، وأتت بالعندليب الأسمر عبدالحليم “الرجل الحلم” إلى أطفال برنامجها، واستضافت الكثير من نجوم المجتمع اللامعين مقدرين قيمتها وقيمة ما تقدمه للأطفال.
قدمت حواديت عن قيمة النشاط والعمل وعن التأثير السلبي للكسل على الطفل ومن ثم على المجتمع ككل، وعن الخراف والذئب، والأرنب المغرور المتواكل والسلحفاة المجتهدة، ومكر الثعلب، والكرم والنملة الكريمة حين كره الطفل الكسول تعلم الحساب وعالم الأرقام قصت عليه قيمة الأرقام ومنازلنا التي تعرف برقم، وعالمنا المعطل دون حسابات وأرقام، الحلوى المعلقة على الأرفف تنتظر رقما يخرج من حافظة النقود، وهاتف المنزل ما هو إلا أرقام تتزاحم لتأتي لنا بصوت من نحب، وكراس الرسم، والبالون المنتفخ المليء بالهواء على وشك الانفجار في وجوه من عززوه بالنفخ.
الكثير من أبناء جيلي يحمل بعضا من حكاياها في خزانة ذكرياته، تداعب جفوني شمس الصباح وصوتها الحنون يرن بأذني “حبايبي الحلوين”، وقصة الشاب الذي لف البلاد بطولها وعرضها حتى يحضر لأميرة أحلامه أغلى هدية وجاءت له الأم تطلب رؤية الأميرة وتختتم القصة بصوت عذب بأن الأم هي أغلى هدية في الكون.
حواديت وحكايا كثيرة نقلتنا بها أبلة فضيلة من عالمنا إلى السحر والخيال لنعود إلى واقع أرحب يتسع للإبداع، غذاء مختلف أطعمتنا به حد الإشباع. لامست قلوب الكبار قبل الصغار بصوتها المميز الذي أعطى لميكروفون الإذاعة طعما مغايرا لتستحق معه لقب مذيعة الأسرة.
استطاعت أبلة فضيلة أن تلعب دور الأم وسط أبنائها من خلال تقديم المسلسل الغنائي عبر أثير الإذاعة، مسلسل متصل منفصل يقدم كل يوم معنى جديدا للفرح الجميل بالغناء المعبر عن قيمة تثقيفية في بناء قصصي رائع.
في مطلع شهر إبريل وبالتحديد في الرابع منه بلغت فضيلة توفيق معلمة الصغار ومبدعة الحكي الجميل عامها السابع والثمانين ومازال صوتها
يحمل طفولة ووداعة تعيدنا إلى زمن الطفولة الرائع، شاركت جميع الأمهات في تربية أبنائهن عن عمد، وشاركتهن قلوب الصغار.
 
 
باهر/12
 
 
 

    

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه