( بولوتيكا السياسة الدولية ) حريق الشرق الأوسط ...

بقلم كريم محمود صالح الدليمي أيار 09, 2017 909

كريم محمود صالح الدليمي

فكر المقاومة العراقية .

 

في خضمّ ما يدور ويسري على ساحتنا الإقليمية من مصائب وكوارث وما قد يحدث لاحقا أو مستقبلا فلابد لكل ذا شأن أن يدلي بدلوه . إيران دولة جارة والشعب الإيراني بجميع قومياته وأديانه يرتبط معنا بوشائج تاريخية وثقافية واجتماعية متجذرة لا يمكن قطعها وفصل هذا الترابط بسبب الظروف الشاذة الطارئة مهما بلغت حدتها في الخلافات والتناحر وتحارب مصالح الحكومات والأنظمة السياسية . المعلوم بأن الحكومة الإيرانية تتدخل في شؤون المنطقة ولديها مشروع توسعي لا يخفى على أحد ولا تنكره إيران نفسها بتصدير ثورتها الإسلامية التي تنطلق من عقيدة التشيّع الفاطمية . مقابل ذلك توجد حكومات عربية سلطوية لا تمتلك مشروع سياسي ولا رؤيا واضحة وتمثل غالبيتها عبئا على شعوبها لكونها أنظمة عميلة رجعية صنعها الاستعمار الأجنبي لتقوم برعاية وحماية مصالحه . إذا تجاوزنا هذه الصورة الواقعية الى ما يدور في المنطقة من صراع فلا نستطيع تجاهل عوامل أخرى دولية وإقليمية لها تأثير كبير في تفعيل الصراعات والحروب وأهمها الكيان الغريب والنشاز الذي زرعه الغرب في قلب جسد الأمة المُسمى بدولة إسرائيل , وهذا الكيان هو داينمو تحريك آلة الحروب والفتن والخلافات بين الدول والشعوب في الشرق الأوسط وحتى كامل آسيا وأفريقيا . أن محاولات حرف بوصلة تحديد اتجاه الشر ومن هو العدو لا يمكن أن تنجح مهما تم التمويه عليها وربطها بسلاسل كذبة الإرهاب الذي لم يُحدد تعريف واضح له لكي لا تتورط قوى دولية بتحمل كاهل المسؤولية في صناعته وتمويله وتفعيله ., الصغار يعبثون ولا تمتد أذرعهم لأبعد من التشابك من أجل تحقيق أهداف ومصالح ضيقة لا تتجاوز حدود أنانيتهم المريضة وغالبا ما يكونون أدوات لعب في حسابات الكبار اللذين يتقنون السيطرة على الأهواء والميول وتصريف القوة بما يخدم أهدافهم الكبيرة وهذا ما يجري بالتحديد في دوامة حروبنا الداخلية على صعيد المنطقة بأكملها من ليبيا الى العراق وسوريا واليمن . العَرض الموضوعي لا يخضع لبرامج افتراضية كما تسرح خيالات البعض في التصوّر الواهم للأحداث ؟ فالحقائق الملموسة هي نتائج عن سلسلة إجرائية تراكمية قد لا تكون محسوبة في الأذهان وسرعان ما تبرز عندما يتهيأ لها الظرف المناسب وبمعنى أدق أن الجوهر الذاتي لعوامل جدل الأشياء مستقل عن التلاعب في الظاهر وكل عرض هو نتيجة حتمية لتفاعل مسبق يجري في الجوهر ,والسياسة العالمية مع كل تطور إمكاناتها في الإدارة والتنظيم وتصريف الأشياء لم تتوصل الى حقيقة كاملة لمعادلات الأحداث وهي بلا ريب تتبع الحدث وترسم خطط السيطرة والاحتواء بمكر دبلوماسية القوة العسكرية أو الناعمة , أهم مشكلة تواجهها منطقتنا هي اختلاف قوى التجاذب وتقاطع المصالح الدولية على حساب شعوب المنطقة التي لا يحسب لوجودها حساب ضمن معادلات الربح والخسارة وهي لا تساوي إلا وقود يجب استهلاكه لكون هذه الشعوب تمثل عائق أمام تحقيق الأهداف ولهذا السبب نجد الغرب يركز على التعامل مع الأنظمة رغم علمه بأنها مستبدة وفاسدة وغير شرعية ؟ وزيادة على ذلك يحتضن النماذج الشاذة ويدربها كاحتياط معارضة بديلة عن الحكومات عندما تسقط أو يضغط عليها بهذه المعارضة العميلة له لإرغامها على الخضوع وقمع كل حراك جماهيري قد يخرج عن سيطرته ليؤسس نظام حكم وطني يهدد مصالح القوى الغربية , والتركيز على الغربية سببه ناتج عن بقاء النظرة الاستعمارية متجسدة في عقول حكام هذه الدول التي لا تستطيع إدراك حركة التاريخ وتقدم الشعوب وستبقى هذه النظرة الدونية مستمرة حتى تتعرض دول الغرب الى صحوة تعيد لها رشدها وإنسانيتها في التعامل مع الإنسان العربي خصوصا . ولكن أين نحن مع أنفسنا ولماذا نسمح للغرب وغير الغرب أن يستعبدنا بهذه الطريقة المهينة وأن يسخرنا وقودا لماكينة انتاجه ؟ هنالك قوانين كونية علينا أن نفهمها ولا نسمح للغباء أن يتلبد على مداركنا , جدل الأضداد يفرض نفسه في كل تفاصيل وجودنا والاختلاف حالة كونية يجب علينا أن ندرسها ونتقي الانجراف في تيار قوتها أو نحسن إدارتها وقد يستغرب البعض أن هذا الجدل هو الذي جرف عقولنا بالتيارات الطائفية المتضادة ونزعات أخرى تحولت الى عقائد وهي خاوية في جوهرها العقلاني ولا تستدعي اعتقادها وسنبقى ندور في فلك القبيلة والمذهب رغم انتفاء مبرر وجودها في الحياة المدنية الحضريّة والانفتاح الفكري الإنساني , وهنا بالتحديد تجري عملية برمجة عقولنا الموبوءة بالفساد واستثمارنا كمادة حريق لمقومات وجودنا الحضاري من قبل العدو الطامع الذي يمتلك مؤسسات متخصصة لهذا الغرض ويبرر كل هذا القتل بصناعة السياسة . هنالك عوامل ناضجة للتغيير في المنطقة وهذه العوامل تزداد قوتها بحكم قوانين التطور العامة ولا يمكن لقوى الهيمنة أن تستثني منطقتنا مهما حاولت بهذا الاتجاه من خلال تطويقنا بالأنظمة الفاشية وإشغالنا بالحروب الداخلية وتسميم بطونا بالفساد ولهو العقول بوسائل الاعلام التافهة والمبتذلة التي تسوّق للطائفية وأحزاب اللغو السياسي وشخصيات متدربة على اللصوصية والسرقة وكل أساليب الخداع والكذب الإعلامي . علينا أن نعرف بأن هذه الحثالات هي طابور الإحتلال الذي يتوغل بيننا لتنفيذ كل مخططاته وهم كلاب حراسة مصالحه في اوطاننا وأن وجودهم مرهون ببقاء المحتل وكلما تستهلك مجموعة يجدد تجنيد وتدريب مجاميع أخرى وبشعارات تتناغم مع طموحاتنا أو تحاكي حقوقنا المشروعة في العيش والكرامة والحريّة ولسوف يدخلوننا مجددا في نفق جديد من التردي ومعانات لا تتعدد ألوانها ويبقى كابوس الفساد والظلام مخيما علينا تحت خيمة أوهام الديمقراطية المزيفة وحكم الفساد و الاستبداد الذي يتقن بناء السجون والحواجز الكونكريتية .

انتهى الجزء الأول ...     

 

 

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه