ألق شرقي مستمر

بقلم مراد البرهومي تموز/يوليو 01, 2018 1123

ألق شرقي مستمر
كانت هناك منتخبات نافست بقوة على اللقب العالمي قبل أن تنكص إلى الوراء وتتراجع إلى الصفوف الخلفية المنسية، الأمر هنا يتعلق أساسا بمنتخبات بعض الدول المنتمية لأوروبا الشرقية التي تركت بصمتها في السابق.
مونديال جديد بذاكرة لا يمكن نسيانها
كل من يطرب بمنافسات كأس العالم، كل متابع شغوف ووفي لهذه البطولة الساحرة سيكون بلا شك ملمّا وعارفا بعدة فصول ومواقف وطرائف حفت بهذا المحفل على امتداد دوراته المتعاقبة.
سيتذكر أغلب الإنجازات والتتويجات والانكسارات. لن يغيب عن ذاكرة كل محب ومتابع مهووس بمنافسات المونديال، تألق بعض المنتخبات العريقة قبل أن يأفل نجمها بفضل عدد من اللاعبين العباقرة الذين طبعوا التاريخ وخلدوه ناصعا مشرقا.
هذا الحديث ربما يقودنا من حيث لا نشعر إلى تاريخ قديم كسا منافسات كأس العالم في بداياتها، حيث كانت هناك منتخبات نافست بقوة على اللقب العالمي قبل أن تنكص إلى الوراء وتتراجع إلى الصفوف الخلفية المنسية، الأمر هنا يتعلق أساسا بمنتخبات بعض الدول المنتمية لأوروبا الشرقية التي تركت بصمتها في السابق، وكانت من بين المنافسين “الشرسين” على المراكز الأولى.
ولعل ما حصل مثلا في مونديال 1954 يؤكد هذا المعطى، ففي تلك البطولة كان المنتخب المجري المرشح الأول لنيل اللقب. كان يضم في صفوفه لاعبين رائعين وأساطير وفي مقدمتهم بوشكاش الذي كان نجما “خرافيا”، بل هو “ماكينة” أهداف لا تهدأ، وبفضل تألقه تمكنت المجر من بلوغ النهائي، لكن خسرته بأعجوبة ضد ألمانيا في حدث تاريخي سمّي بعد ذلك “معجزة برلين”.
تاه بعد ذلك هذا المنتخب العريق، وصعدت قوى أخرى. حاولت منتخبات أوروبا الشرقية المنافسة واللحاق بالركب الأول. كان لها ما تريد وتجسم ذلك بالخصوص في مونديال 1994، عندما أبدع المنتخب البلغاري الذي “قهر” الكبار وانطلق قطاره نحو المربع الذهبي. كان قريبا من الوصول إلى المباراة النهائية بفضل نجوم رائعين تألقوا في أقوى الدوريات، ولنا في خريستو ستويتشكوف خير مثال، وهو الذي كان أحد أفضل اللاعبين في تلك الحقبة.
لقد كسّر كل القواعد وأثبت أن بلغاريا في ذلك الزمان لديها كل القدرات التي تخوّلها الذهاب بعيدا، ومثلما فعلت بلغاريا سار المنتخب الروماني على الدرب ذاته. لقد قدّمت دروسا “عظيمة” للعالم بأسره في تلك البطولة، وكسرت كل القواعد وضربت بالأعراف عرض الحائط لتسقط المنتخب الأرجنتيني من عليائه وتجهز عليه في مباراة دور الستة عشر، والفضل في ذلك يعود إلى “مارادونا” أوروبا الشرقية، ذلك العبقري الفنان غورغي هاجي الذي كان أيضا من أفضل اللاعبين في الكون خلال حقبة التسعينات.
لقد أمتع الجميع بأهدافه الرائعة ولمساته الساحرة، فحقّ له أن يقود “ثورة” أوروبا الشرقية الكروية والتمرد على الكبار، لكن سرعان ما هدأت حدة تلك الثورة، وتراجع الأداء الذي قدمه المنتخبان الروماني والبلغاري.
ليأتي الدور في مونديال فرنسا 1998 على المنتخب “الوليد” من ركام يوغسلافيا المنحلة، ليكتب المنتخب الكرواتي تاريخه الجديد بتميّز بعد أن بلغ الدور نصف النهائي في تلك البطولة.
بعدها افتقدت أغلب منتخبات بلدان أوروبا الشرقية لنجوم مثل بوشكاش وهاجي وستويتشكوف، قبل أن يجود هذا الزمان بلاعب رائع واستثنائي، إنه الكرواتي لوكا مودريتش نجم ريال مدريد.
هذا اللاعب جمع بين موهبة هاجي وسحر بوشكاش وتأثير ستويتشكوف. ورث الحس القيادي عن ابن بلده زفونيمير بوبان النجم السابق للميلان، فبات اليوم أحد أبرز اللاعبين في العالم، فحقّ له أن يرفع لواء أوروبا الشرقية ويساعد منتخب بلاده على تقديم أداء رفيع إلى حد الآن في انتظار التأكيد والتقدّم نحو الأمام في مباراة اليوم ضد الدنمارك.
مودريتش أكد عبقريته وأثبت للجميع أنه لاعب استثنائي، أبهر الجميع ضد نيجيريا قبل أن “يهين” مع بقية زملائه المنتخب الأرجنتيني، سجل هدفا “خرافيا” سيخلده التاريخ وسيمنحه كل الثقة التي ستساعده كي يسير على خطى أساطير الماضي، ويؤكد أن ألق الشرق لم ينطفئ بعد.
كاتب صحافي تونسي

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه