هل تتفوق البوديتاك على سحر التمارين الكلاسيكية
تدريبات البوديتاك المكثفة تكون في شكل انقباضات عضلية نتيجة استخدام الكهرباء ويمكنها استبدال التمارين الكلاسيكية لأنها قادرة على توفير جرعات النشاط المطلوبة.
المبالغة في هذه الرياضة قد تضر العضلات والكلية
يتعجل الإنسان الحديث في كل أمر ويرغب في الحصول على أفضل النتائج في أقصر وقت ممكن، حتى دون أن يكلف نفسه بذل الجهد. ينسحب هذا الاستعجال على جميع اهتماماته فهو يحلم بنجاحات قياسية وإنجازات فورية حتى في ما يتعلق بصحته ولياقته البدنية. وقد صارت ممارسة الرياضة وسيلة للحصول على أجسام رشيقة وذات بنية قوية، في وقت قياسي، دون الاكتراث لحاجة الجسم والروح معا إلى قضاء فترة أطول من التدرب في الهواء الطلق وتمتيع جميع الحواس، في الآن نفسه، بين أحضان الطبيعة.
تفنن أخصائيو اللياقة البدنية وصناع الأجهزة الرياضية في ابتكار آلات وتقنيات مختلفة لكسب الوقت وبذل جهد أقل. وهم بذلك يستهدفون من يقضون النصيب الأوفر من وقتهم في الوظيفة ولا تتوفر لهم دائما فرص مناسبة لممارسة الرياضة. وهذا تماما ما ركز عليه مبتكرو تمارين “البوديتاك”، وهي تقنية تعتمد على تحفيز العضلات باستخدام الكهرباء التي تصل إلى الألياف العضلية في بضع دقائق.
وهو ما أكده اللاعب الدولي التونسي السابق لكرة اليد، أنور عياد بقوله “البوديتاك تقنية متطورة جدا يقبل عليها الرياضيون المحترفون وهي موجهة أيضا للأشخاص الذين لم يتعودوا على ممارسة الرياضة… والذين يريدون تحقيق النتائج بسرعة دون الشعور بالتعب.. هؤلاء يمكنهم ممارسة تمارين البوديتاك مدة 20 دقيقة فقط في الأسبوع وهي فترة تعادل في نتائجها ما يتحقق بعد قضاء 4 ساعات من تدريبات كمال الأجسام”.
وفي تفسير عياد فإن تدريبات البوديتاك المكثفة تكون في شكل انقباضات عضلية نتيجة استخدام الكهرباء ويمكنها استبدال التمارين الكلاسيكية لأنها قادرة على توفير جرعات النشاط المطلوبة، خلال أسبوع.
قد يضطر البعض إلى اللجوء لقاعات الرياضة المخصصة للبوديتاك التي تختصر الوقت، لكن هل توفر دقائقها المعدودة السعادة التي توفرها الرياضة الكلاسيكية في الهواء الطلق؟ عندما نركض أو نمشي أو نركب الدراجات ونتنقل من مكان إلى آخر نحرر هرمون السعادة (ايندورفين) داخلنا وننشرها من حولنا.
وفي تقدير الباحثين فإن تحقيق الهدف الأسبوعي المتمثل في 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل إلى القوي، مرتبط أساسا بمستوى أعلى من السعادة، بينما تضطرنا تقنية البوديتاك إلى البقاء داخل قاعة مغلقة وتجعل كل تركيزنا منصبّا على أداء الحركات التي تعزز عمل الكهرباء وتأثيره في عضلاتنا ولا تترك لنا المجال للاستمتاع، فقط الشعور بالألم نتيجة الانقباضات المكثفة للعضلات.
علاوة على ذلك، كشفت دراسة ألمانية سابقة أن ممارسة تمارين التحفيز الكهربائي للعضلات بشدة أو لعدة مرات في الأسبوع أو دون إشراف متخصصين في الرياضة، يمكن أن تؤدي إلى نتائج مضرّة بالصحة، بل إن المبالغة في ممارستها يوميا، بهدف تحقيق أفضل النتائج بأقصى سرعة، تستنزف العضلات وتلحق بها أضرارا.
ويحذر البروفيسور شتيفان كنيشت، رئيس الأطباء المتخصص في عيادة سانت موريتيوس للطب الرياضي، من أن المبالغة في هذه الرياضة قد تضر العضلات والكلية.
واستشهد الطبيب بدراسة أجراها الأطباء في جامعة كولون الرياضية، جاء فيها أن ممارسة رياضة التحفيز الكهربائي العضلي بشدة ترفع معدلات انزيم “كرياتين-كينيز” 18 مرة في الجسم أكثر من المعدل المعتاد في التمارين الرياضية الأخرى.
ومادة كرياتين-كينيز عبارة عن انزيم وظيفته توفير الطاقة للعضلات، ويمكن لارتفاع معدلاته أن يسبّب اضطرابا في عمل الكليتين، وأن يؤدي إلى إصابة العضلات بتمزقات وأضرار.
صحافية تونسية