التكنولوجيا تحل أزمة النساء
أسعد الأزواج من تشتغل زوجته في مجالات كثيرة الكلام كالتعليم أو الإعلام المرئي والمسموع، وأتعسهم من لا تجد زوجته مجالات لإفراغ شحنتها من الثرثرة.
الهواتف النقالة والإنترنت تمنح النساء فرصا ذهبية للثرثرة
بقدر ما تكون الفتاة قليلة الكلام مع حبيبها أو خطيبها، تتحول إلى أمواج متلاطمة من الثرثرة المستمرة بعد الزواج، فإذا صمتت فإن الأمر ينذر بالخطر، وقد تكون مصابة بالاكتئاب الذي يحتاج إلى علاج ومراقبة طبية.
دراسة أميركية تقول إن المرأة تحتاج إلى أن تتحدث بمعدل 20 ألف كلمة في اليوم، مقابل 13 ألف كلمة للرجل، طبعا دون أن ننسى أنها تفكر في مظهرها وشكلها حوالي 9 مرات في اليوم الواحد، وتقضي عاما كاملا من حياتها في اتخاذ قرار ما سوف ترتديه كل يوم.
وثرثرة النساء لا تعني الكذب، فالدراسات العلمية أثبتت أن الرجل ورغم أنه يتكلم أقل، إلا أنه يكذب ست مرات ضعف المرأة، فإن كذبت في ست فقد كذب في ستين، ربما بسبب ذلك ينجح الرجال أكثر من النساء في السياسة مثلا.
والثرثرة النسوية لها ما يبرّرها علميا، حيث ثبت أن المرأة تتفوق على الرجل في بعض القدرات من ذلك أنها تتذكر المواقف العاطفية واستدعاء أشياء من الذاكرة لا يستطيع الرجل تذكّرها، وأن دماغ المرأة في حالة تفكير دائم بينما الرجل في حالة راحة مستمرة، كما أن السبب الرئيس في رغبة المرأة بالكلام أكثر من الرجل هو هرمون الإستروجين الذي يؤثر مباشرة في وصل جزئي للدماغ إلى المزيد من الحركة والتواصل، حتى أنه باستطاعتها أن تتكلم وتسمع في آن واحد بسبب القدرة العصبية لديها، حيث تمتلك 30 بالمئة من الاتصالات العصبية المخصصة للكلام فقط.
معطيات كهذه، تجعلنا نشفق على النساء اللواتي لا يجدن من يخاطبن، أو اللواتي يقضين كامل اليوم وحيدات في بيوتهن بعد أن يكون الزوج قد ذهب إلى العمل والأبناء إلى المدارس، أو سجينات المكاتب اللواتي يقضين أغلب أوقاتهن في التركيز على أعمال بعينها ليس فيها مجال للحديث.
ولكن التقنيات الحديثة حلّت المشكلة بالنسبة لعدد كبير من النساء ممن وجدن في تطبيقات الهواتف النقالة والإنترنت ما يمنحن فرصا ذهبية للثرثرة، والحديث طوال اليوم للقريبات والصديقات حتى أثناء الطبخ والغسيل، فيكفي أن تضع الواحدة منهن الهاتف في جيبها وسماعته في أذنيها حتى تجد مساحة واسعة للكلام وكأنها تخاطب ثيابها، فالمهم أن تتخلص من الـ20 ألف كلمة لتنام قريرة العين بعد ذلك.
الرجل قد يبدو سعيدا بذلك، ولكن العلم يثبت أن إمكانيات دماغه أقل من إمكانيات دماغ المرأة لذلك تجده يبحث عن مجال للراحة أو لتخدير نفسه، نظرا لأن 70 بالمئة من الحركة الكهربائية عنده تكفّ عن العمل، بينما في دماغ المرأة تتابع هذه الحركة نفسها مشوارها بنسبة 90 بالمئة لتساعده على التحليق والتخيّل وترتيب ملفاته وإعداد أولوياته.
ويبدو أن أسعد الأزواج من تشتغل زوجته في مجالات كثيرة الكلام كالتعليم أو الإعلام المرئي والمسموع، وأتعسهم من لا تجد زوجته مجالات لإفراغ شحنتها من الثرثرة، فإذا عاد إلى المنزل، صنعت له مشاكل عدة فقط لتبرّر الكلام، تنفيسا عن حاجة بداخلها عليه أن يتفهّما جيدا.
كاتب تونسي