أحمد مُحرم
عدلي صادق
أحمد مُحرم، شاعرٌ مُجيد ومتدفق ومطوّع باهر للغة بكل محسّناتها البديعية، مع بعض السذاجة السياسية، التي جعلته يوالي الدولة العثمانية التي أسقطت عثمانيتها من داخلها.
ذكرى "النكبة" حاضرة دوما
تُعيدني كل ذكرى ليوم استلاب فلسطين، في منتصف مايو، إلى استذكار الشاعر المصري أحمد مُحرّم. فمن قصيدة له، نشرها قبل خمسة عشر عاماً من وقوع “النكبة”، استعار المؤرخ الفلسطيني عارف العارف في سنة 1956 تلك اللفظة الفادحة، واعتمدها في عنوان عمله الموسوعي، الذي يؤرخ للأحداث حتى العام 1948.
أحمد مُحرم، شاعرٌ مُجيد ومتدفق ومطوّع باهر للغة بكل محسّناتها البديعية، مع بعض السذاجة السياسية، التي جعلته يوالي الدولة العثمانية التي أسقطت عثمانيتها من داخلها. ربما ذلك نكاية بالإنجليز، مثله مثل مصطفى كامل ومحمد عبده وسعد زغلول نفسه!
هو من محافظة البحيرة، لم يغادر طوال حياته مدينة دمنهور عاصمتها. فقد جعل مُحرم، مقهى “المسيري” منتدى معرفياً وأدبياً وعلامة فارقة في تاريخ مصر الثقافي، فاستمرأ صاحب المقهى الحاج عبدالمعطي المسيري، أن يظل مقهاه، مقصداً لمثقفي دمنهور والإسكندرية القريبة، ثم مصر لاحقاً. والرجل من أعمام المفكر وعالم الاجتماعي الراحل عبدالوهاب المسيري.
أحمد محرم، كان ذا عاطفة فيّاضة بأكثر ما تفيض الأنهار الجامحة. كتب شعراً “الإلياذة الإسلامية” وتفجع فيها على البرامكة الذين أبادهم هارون الرشيد، عندما لم يرض أن يعشق جعفر البرمكي، صاحبه ونديمه الفصيح وابن مرضعته، أخته “العباسة”. اضطر إلى تزويجها له على ألا يجتمع العروسان إلا بحضوره، ولهما حق النظر دون اللمس. ولما كانت أم جعفر، تقدم لابنها مليحة عذراء من الجواري في ليلة كل جمعة، لكي تنتفي عنده الحاجة لنكاح العباسة، بادرت الأخيرة إلى أخذ حقها فيما ترغب من الامتطاءٍ العاجل، الذي يُحيل الحب إلى كيمياء شاملة، فلجأت إلى حيلة إحلال نفسها محل عذراء الجمعة المقبلة!
هنا، ومن خلال القراءة، فاضت عاطفة أحمد محرم، وكتب يتأسى بُحرقة على البرمكي المُضيَّع، مثلما تأسى بعدئذٍ، على فلسطين المُضيعة، فاستبق “النكبة” بالتسمية الحزينة!
كاتب وسياسي فلسطيني