نزار العوصجي
بعد الحرب الأهلية الامريكية بين الشمال والجنوب بفترة ، بقيت مدينة صغيرة في ولاية بنسلفانيا تعاني من صراعات مزدوجة بين الكاثوليك والبروستانت ، وبين أنصار البيض وأنصار الديمقراطية وتحرير العبيد ، وكانت الكنيستين في المدينة هي من تقف وراء تلك الصراعات ، حتى أصاب الشلل الاقتصادي المدينة وهاجر منها رجال الاعمال وبعض المهنيين والحرفين ، و رغم كل الجهود التي بذلها العمدة و قاضي المدينة و رجال الأعمال في وقف الصراع إلا أن أوزاره كانت تتصاعد ...
وفي أجتماع حاسم تقدم القاضي ستيوارت دوندي وهو رجل عقلاني وصاحب دراية كبيرة في القانون والفلسفة ، بفكرة صفق لها الجميع وباشروا من لحظتها بتطبيقها ...
كانت الفكرة تقوم على حبس راعيي الكنيستين وكل رموز الصراع في أسطبل خيل مخفر الدرك في المدينة ، مع توفير كافة مستلزمات الحياة لهم ، بأعتبار أن صراعهم يشبه صراع الخيول الجامحة ، ( فعلاً تم ذلك ) ومضت عدة أيام مع وجود أحتجاجات خفيفة ، تلاشت شيئاً فشيئ ، وأنطلق العمال والصناع والفلاحين إلى أعمالهم ومزارعهم مرة أخرى ، وأختفى الضجيج من المدينة وعاد الهدوء لها ، مما شجع عودة من هاجر منها بسرعة وتفرغ الجميع للعمل ، وخاصة زراعة البرتقال وصناعة عصيره ، في غضون سنتين عادت هذه المدينة لواجهة الأحداث ، ولكن هذه المرة بأنها أفضل مدينة على مستوى الولاية ، في أنتاج البرتقال و تأسس فيها مشروع ( مشن ) ليكون علامة تجارية عالمية ...
السؤال متى نضع تلك العمائم السود والبيض ، وانصار الطائفية ورعاتها ومروجيها ، وقادة العصابات الدينية ومليشياتها واعوانها ، في أسطبل خيل مناسب و نتركهم يتصارعون فيما بينهم ، و يتركوننا نزرع ونعمل ونبني الوطن بعيداً عن مصالحهم الشخصية و اطماعهم و قذارتهم و عمالتهم و سخافاتهم ؟ متى ؟
قد يستهجن البعض مثل هذا الطرح ، لكن المأساة التي يعيشها العراقيين ، تعزز وجوب التفكير باتجاه انقاذ العراق ، مما وصل اليه بفضل هؤلاء المارقين ...
لله درك ياعراق الشرفاء ...