د.شاكر كريم عبد
المواطنة في بلادي هي لأحزاب السلطة فقط .انا لست هنا أريد من خلال هذا المقال المتواضع ان اطرح تعريف علمي للمواطنة، بعد ان أصبحت تشكل موضوع الساعة بما تتضمن من تحديدات للعلاقة بين المواطن والدولة من خلال الواجبات والحقوق اذا ما قاربنا الديمقراطية والمواطنة على إنهما وسيلتان سياسيتان لمعالجة التناقضات الاجتماعية مع احترام الحقوق المعرفة للفرد. لأنه لامعنى للديمقراطية ولا للمواطنة الا بتحقيق الوعي الكامل والصريح بالتناقضات التي تميز الحياة الاجتماعية وإتاحة المجال لها بان تترجم سياسيا، وان أفعال تحقق المواطنة الحقة حين تحافظ على مقدرات وطنك، وثرواته، حين تعمل من خلال موقعك، أو وظيفتك أياً كانت على مصلحته، وتطويره، وحمايته من الفساد، والمفسدين حينها فقط تكون قد فزت بالوطنية الحقة.
في حين أصبحت "المواطنة " في العراق الجديد هي مجرد كلمات تذويقية تستخدم من قبل كثير من السياسيين وأحزابهم وكتلهم كشعارات رنانة لتلميع صورهم إعلامياً وسياسياً أمام شعب أغلبه لا يعرف أصلاً معالم للدولة الحديثة ولا مقوماتها كما لايشعر بروح المواطنة الحقة في ظل سياسة ومفاهيم اغلب هذه الأحزاب ، ويغرق في تفاصيل مذهبية واثنيه وجهوية تعكس حجم الفراغ الذي يعاني منه، وحجم الفكر الاستهلاكي، الذي طغى على كل تفاصيله وتصرفاته، فالمجتمعات المنتجة لا تملك وقتاً إلا للنهضة والتطور. و ما لا يختلف عليه اثنان أن المواطنة هي جملة من القيم المعيارية تمثل حق الإنسان في الحياة الآمنة الكريمة وفي العدالة والمساواة في الحقوق الاجتماعية لكل فرد في المجتمع، بصرف النظر عن جنسه أو دينه أو مذهبه، وكذا حقه في التعبير عن رأيه وانتخاب من يمثله على قمة السلطة السياسية في وطنه.
اما في بلد مثل العراق يحكمه ميزان العصبيات والانتماءات لا ميزان العدالة والمساواة بين أبنائه ، تقودها منظومة الشرهة لا الدستور ولا القانون ، الانتماءات فيها ليست للوطن، بل للطائفة والقومية. فعن أي وطن ومواطنة يتحدثون،! بينما تحركهم معايير واحقاد مذهبية وطائفية واثنية وقومية في تقييم الآخرين، وعن أي وطن ومواطنة يتحدثون، بينما لا يميز البعض بين أحكام وقرارات لاتستند إلى القانون والعدالة، وحكم عاطفي مبني على توجهات شخصية وأحقاد واستبداد. وعن أي وطن يتحدثون ومواطنة، حتى يساووا في أحكامهم بين الضحية والجاني وبين المتورط بقتل أبرياء، ويهدد أمن البلاد والعباد، وآخر لا ناقة له ولا جمل؟ أي مواطنة هذه التي لا تفقه أبجديات المساواة ومعايير التفاضل بين مواطنيها؟ ألا تعتبر سرقة أموال الشعب خيانة عظمى؟ الا يعتبر قطع أرزاق الناس بلا اسباب قانونية وشرعية هي مخالفة للعدالة ومخافة الله ؟ألا يعتبر الفساد المستشري في أغلب مؤسسات الدول خيانة عظمى؟ ألا يعتبر تورط سياسيين في تطبيق قوانين جائرة مخالفة للدين والقران والشريعة والدستور والقانون وخيانة للأمانة ولليمين الدستوري الذي ادوه ؟ هل فعلاً من تصدى للسلطة في العراق الجديد كان يراعي بذلك مصلحة الوطن والشعب ، أو يراعي تداخلاته المذهبية والجهوية والحزبية على حساب مصلحة الوطن والمواطن طيلة 17 عاما ؟ ألا يعتبر تغليب مصالح الآخرين على مصلحة الوطن هو انتهاك صارخ للوطنية؟ ما المعيار الذي يحكم اليوم؟ المواطنة أم الانتماء المذهبي والطائفي ؟ لا وجود لديمقراطية، ولا وجود لدستور، ولا قيمة لاي شعار يتغنى بالمواطنة والوطنية، طالما البعض موغل بالعصبيات وتحكمه الانتماءات كلها إلا الانتماء للوطن. وجود البعض هو الخيانة العظمى بعد أن فرش السجاد الأحمر لكل أنواع التطرف ليدخل من أبوابنا. الوطن بات في خطر، والاستمرار بسياسات التمييز وتكميم الأفواه وتعطيل الدستور المهلهل بشكل غير مباشر والكيل بمكيالين من فقراته، لكن هل ادرك الشعب العراقي حجم الخطر الداخلي قبل الخارجي على كل مقومات الوطن الوجودية؟ مجرد سؤال اتمنى ان يعيه الشعب العراقي اولا كي يجيب عليه مثلما وعاه الشباب المنتفض وقدم مئات الشهداء وآلاف الجرحى بسببه . ولقد تأكد للجميع أن العراق هو منبع السلام وأن شعبه محب للسلام ولكنه إن اقترب أحد من كرامته يتحول إلى بركان كاسح لا يبقي ولا يذر. وبمعنى فان المواطنة تعطي للإنسان صفته الوطنية والإنسانية..