أصعب زيارة الى ايران
د. فاتح عبدالسلام
مرشد الثورة الايرانية الأعلى قالها بصراحة اليوم، في أنّ “ايران لن تنسى اغتيال الجنرال قاسم سليماني وسنوجه ضربة انتقامية للامريكيين “. هذه الجملة التي سمعها رئيس الحكومة العراقية في طهران ، هي ملخص الحصيلة التي سيعود بها من هناك وهي اصعب زيارة اداها مسؤول عراقي الى ايران في خلال عقدين من الزمان.
ايران تركز على الوجود الامريكي في العراق بأي مستوى كان، وهذا أمر ليس بإمكان الحكومة أو القوى السياسية حلّه لأنه معقّد ومتداخل ويمتد الى أيام قرار جورج دبليو بوش شن الحرب لاحتلال العراق الذي لم يكن قراراً فردياً جزافياً ، كما يصوره الاعلام أحياناً ، وانّما هو جزء من استراتيجية الدولة الاعظم في ترتيب اوراق المنطقة بصيغة ترسمها في مدى زمني بعيد قد يشغل خمسين سنة وهي خطة القرن الواحد والعشرين. فالعالم ليس سائباً وإنّما يسير وفق خطط مدروسة.
المهم هو انَّ العراق يجب أن يحصل من ايران على تعهد وضمان في انّ الضربة الانتقامية الجديدة للامريكيين يجب أن لا تقع على أراضيه ومن خلال استهداف مصالحه وعلاقاته الدولية مع واشنطن . كما سمعت القيادة الايرانية من رئيس الحكومة العراقية بأنه من غير المسموح استخدام الاراضي العراقية لشن هجمات لأية دولة ضد ايران .
اذا جرى الالتزام بهذه التعهدات المتبادلة وترك بغداد تحل مشاكلها المعقدة الصامتة مع حلفائها بطرقها الخاصة ، فإن من الممكن ان تزدهر العلاقات مع ايران تجارياً وسياسياً ، وقد تتجاوز حاجز العشرين مليار دولار الذي تحدثت عنه الاتفاقيات والتفاهمات بين البلدين .
لكن الامر لا يمكن تلخيصه بهذه الصورة المجملة، ذلك ان هناك نفوذاً ايرانياً تحت عنوان مواجهة امريكا ومحورها واسرائيل يمر عبر مليشيات وتحديدات في العراق ويتوزع الى سوريا ولبنان واليمن وقد يتوسع نحو دول عربية اخرى ، والعراق عالق بهذه المشكلة التي جعلت من ابنائه المعوزين تحت ضغط الحاجة والفقر وقودا في معارك الاخرين . وان اسرائيل التي تقصف المليشيات في سوريا ويقتل ابناء العراق في الغارات قد تباشر القصف داخل العراق بنفس الذرائع . ولو جرى كشف قتلى العراقيين في معارك سوريا واليمن لكان أمراً مفزعاً وكبيراً للبلد كله . لا أدري إن كان الحكم العراقي يفكر بهذا الامر أم أنه تارك لشأنه لجهات تعامله معاملة الاحوال الشخصية والعقود التي تكاد تخرج من ايدي الدولة الى ايدي اخرى .
رئيس التحرير- الطبعة الدولية