أبو بكر البغدادي: قتلت أهلنا بالتواطؤ مع ايران
هارون محمد
في خطابه الاخير، أظهر زعيم تنظيم الدولة (داعش) أبو بكر البغدادي، ذروة مجونه وقمة جنونه وهو يدعو عناصره الى مهاجمة السعودية وغزو تركيا، دون ان يشير مجرد اشارة الى ايران، وكأنه لا يدري بحجم جرائمها ومدى انتهاكاتها في العراق على الاقل، بينما صب جام غضبه على أهل السنة، متفوقا على نوري المالكي في شتمهم والاستخفاف بهم.
ولسنا معنيين بهذيانه ضد السعودية وتركيا، واتهاماته الباطلة لهما، ولكن ما يثير العجب والغضب معا، انه تجنب ذكر مؤامرات ايران ومشاريعها العدوانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين واقطار عربية اخرى، في مشهد لا يمكن التغطية على دوافعه، بعد ان فضح نفسه بغباء او سذاجة، عندما حاول التستر على صلاته المريبة وعلاقاته المشبوهة مع جارة السوء والشر، دون ان يدرك لضحالة فكره واختلال عقله، ان تلك الصلات والعلاقات باتت معروفة على نطاق واسع، خصوصا للسنة العرب الذين رفضوا التعاطي مع تنظيمه الظلامي، وامتنعوا عن الانضمام اليه، لادراكهم منذ البداية انه تنظيم غاصب وطرف محتل، لا يختلف عن اي احتلال اجنبي جرى لمناطقهم ومحافظاتهم في الماضي او الحاضر، وعلى هذا الاساس، ظلت البيئة السنية عصية عليه، رغم استخدامه ابشع وسائل القهر واوحش اشكال القتل ضد ابنائها الذين نفروا منه وقاوموه بصبرهم وجلدهم، وتشبثهم بارضهم وهويتهم، دون خوف من ترسانة اسلحته التي وهبها المالكي الى مسلحيه في نكبة الموصل.
ان سبابه الرخيص لاهل السنة وقوله : (أفي كل مرة لا تعقلون استمرئتم الذلة وتهتم كما تاه بنو اسرائيل اما ترون الرافضة كل يوم يسمونكم سوء العذاب يغزون بلادكم بحجة محاربة الدولة الاسلامية) ويقصد دولته التي اثبتت الاحداث والوقائع الميدانية انها تشكل الوجه الآخر للمليشيات الشيعية المنحطة التابعة لايران، في ارهابها للسنة العرب والتسلط عليهم بالقوة والاكراه.
لقد اقترف ابراهيم عواد البدري ـ وهذا اسمه الحقيقي ـ جرائم وانتهاكات ضد السنة اكثر من غيرهم، وكأنه مدفوع من جهة او جهات لاحتلال مناطقهم ومحافظاتهم وقتل ابنائهم وتدمير بيوتهم، وعندما يشعر بدنو هزيمته، يأمر اتباعه بالانسحاب والفرار، تاركا للمليشيات الشيعية القاتلة، مهمة الاجهاز على من تبقى منهم وتخريب البقية الباقية من دورهم وممتلكاتهم، في لعبة مشتركة تفضح عزم الطرفين، على الحاق المزيد من الاذى بالسنة العرب وقمعهم وقتل شبابهم وتخريب مدنهم، والبينات على ذلك كثيرة في جرف الصخر وديالى وسامراء والدور وتكريت والدور وبيجي والشرقاط والرمادي والفلوجة والصقلاوية وغيرها.
لقد انكشفت المؤامرة (الشيعية ـ الداعشية) في الموصل أكثر من غيرها، ولو قدر لتقرير لجنة التحقيق النيابية في ملابسات سقوطها، ان ينشر بكامله بلا حذف او شطب، مع افادات الفرقاء عبود قنبر وعلي غيدان ومهدي الغراوي، لبانت الحقيقة ساطعة تفضح الاجراءات التي اتخذها زعيم حزب الدعوة ورئيس الحكومة السابق ولماذا اعطى اوامره بانسحاب 7000 عسكري من المدينة وترك معداتهم واسلحتهم الخفيفة والمتوسطة والثقيلة هدية لاقل من 500 مسلح داعشي ؟ كما جاء في شهادات القادة العسكريين، وأحدهم الفريق الغراوي كشف بقصد او سوء تعبير على قناة (البغدادية) عن تواطؤ مشترك بين مختار العصر والخليفة الملغوم، عندما قال (لحد الان لا اعرف لماذا صدرت اوامر بانسحاب قواتنا، رغم ان داعش لم يكن قد وصل الى مركز الموصل، وانما كان مسلحوه في اطراف المدينة !).
ليس شرطا ان يكون نوري المالكي او أحد قادة المليشيات الشيعية، قد التقى او تقابل مع ابي بكر البغدادي ومساعديه، وجها لوجه، للتفاهم على احتلال الموصل، لان لغة الاشارات والايحاءات المتبادلة بين الطرفين فعلت فعلها، الاول طارد أهلها ونكل بهم وطبق قانونه (4 ارهاب) عليهم بلا استثناء، لانهم في رأيه من (معسكر يزيد)، فيما فرض الثاني اجراءات قاسية عليهم، تشبه سياسات المالكي التي دعاهم فيها الى الولاء الكامل له والرضوخ المطلق لحزبه، في حين استبدل التنظيم مفردة الولاء بالبيعة ، وسمى الرضوخ بالرعية.
وفي قضية الموصل بالذات، فان كرها مشتركا يجمع بين المالكي والبغدادي ضد أم الربيعين، الاول يعد أهلها، اعداء له ولحزبه وشيعته، (وسيظلون رغم كل شيء سنة وقومجية عربان، وملجأ للبعث والمتآمرين على حكمنا) كما قال في اجتماع مع الرئيس السابق جلال طالباني، عقب انتخابات 2010 أي قبل اربع سنوات من احتلال داعش للمدينة، داعيا الاكراد الى ضمها لاقليمهم، كما كشف ذلك المستشار الرئاسي يومذاك فخري كريم الذي كان حاضرا الاجتماع، ونشر مقالة بهذا الخصوص في صحيفته (المدى) نهاية عام 2012 ، في حين اقدم الثاني على ذبح المئات من المقاومين والمجاهدين الموصليين والالاف من المواطنين وبطرق سادية تعكس احقاده الدفينة ضد السنة لانهم في رأيه المتخلف، متنورون وعروبيون لم يعطوه البيعة كما حاول وسعى.
لو كان الخليفة المبتذل يملك ذرة من ضمير حي، لما أقدم على تغييب الكثيرين من سكان الموصل واعداد منهم من الضباط الذين سرحهم بول بريمر وطاردهم المالكي، والاخير بذل جهودا وضيعة لاعتقال عدد منهم واغتيال بعضهم عبر اجهزته وجواسيسه، ولكنه أخفق تماما بفضل يقظتهم، وجاء هذا المعتوه وقتلهم بدم بارد، حتى انه لم يتحل باخلاق الاسلام الذي يسمي دولته باسمه زورا وبهتانا، عندما غدر برجال بواسل عرفوا بتوجيه ضربات موجعة للغزاة الامريكيين وعملاء ايران والمالكي المندسين، بل انه تصرف بدناءة لا حدود لها مع ضيوف وزوار ومبعوثين جاءوا الى المدينة يتفقدون اهلهم واقاربهم ورفاقهم، بعد ان حظر المالكي عليهم الاقامة فيها طيلة السنوات السابقة ، والبغدادي نفسه لا غيره من انجز ما عجز عنه المالكي في ضرب فصائل المقاومة الوطنية وملاحقة قادتها وافرادها وغيب مناضلين قوميين وبعثيين وشيوخ عشائر وعمداء بيوتات عريقة ووجهاء اصلاء، ومنهم رجل امضى في سجون الاحتلال عشر سنوات (سيف المشهداني) مع رفاقه الاربعين.
لقد قدم تنظيم داعش، خدمات لم يكن يحلم بها قادة ايران والاحزاب والمليشيات الشيعية في خنق السنة العرب والتسلط عليهم ومصادرة حرياتهم وسلب حقوقهم، واجبار الملايين منهم على النزوح الى مخيمات الذل دون ان ترف شعرة من جفن الخليفة الكذاب لصراخ الاطفال الجوعى وانين الشيوخ المرضى، وفوق كل هذا يريد منهم ان يلتحقوا به ويقاتلوا تحت رايته وهو الذي أذل أخيارهم وطارد اشرافهم وصفى شبابهم وسبى نساءهم، وتساوى مع شيعة ايران في مسلسل الجرائم والانتهاكات التي راح ضحيتها أناس أنقياء ذنبهم انهم واعون وثابتون على مبادئهم الوطنية ومتمسكون بعروبتهم.
لماذا لم يوجه مسلحو داعش قذيفة واحدة على مركز ايراني وكانوا على مسافة قريبة منه، عندما احتلوا قرة تبة وجلولاء وقرى اخرى، ثم هربوا بعد ان سمعوا تنبيه جنرال ايراني الى شبه اتفاق (جنتلمان) بين الجانبين يلزمهم بالابتعاد 40 كم عن الحدود ؟
لماذا لم يهاجموا غرفة عمليات قاسم سليماني في معسكر مهجور بمنطقة العظيم في ديالى، وكانوا بالقرب منه في آب 2014 وداروا حوله وذهبوا يغيرون على قرى في المنطقة سكانها فلاحون ومزارعون جميعهم من السنة العرب ؟
لماذا أحجموا عن ضرب مقر المستشارين العسكريين الايرانيين في قرية (المزرعة) في اطراف تكريت، وكانوا على بعد كيلومترين منه ؟
واخيرا وليس آخرا.. لماذا لم يستهدفوا مقرات ومكاتب مليشيات الغدر وهي معروفة براياتها واعلامها ولافتاتها وسهولة الوصول اليها، بينما يفجرون مفخخاتهم وانتحارييهم في احياء فقيرة واسواق شعبية ويقتلون المدنيين الامنين ؟
لقد اثبت البغدادي كذبه في الدفاع عن السنة في العراق، وهو الذي احتل مناطقهم وارتكب جرائم لا تحصى ضد ابنائهم وتسبب في نزوح الملايين منهم ، وتوافق في اضراره بهم، مع منهج خامنئي وقاسم سليماني ونجادي ولاريجاني والمالكي وهادي العامري وابو مهدي المهندس وقيس الخزعلي واكرم الكعبي وبقية الوحوش المفترسة للسنة.
والسلام على اهلنا الصامدين الصابرين في موصل المجد، والخزي للدواعش الانذال والعار لمليشيات الاجرام.
باهر/12