أستلاب الوعي
جبار فريح شريدة
ان استلاب وعي الانسان واشراكه في عالم استهلاكي خيالي ،لا يكون مطالبا فيها باستعمال ذكائه وخياله وعبقريته وعقله ،بقدر ما يكون مرغماً على الاستهلاك الاعمى ،مما ينتج عنه تقييد الانسان بأصفاد غير مرئية تبيع له القيد معلبا ،بمبادئ من قبيل الحرية الفردية وخصوصية الامتلاك.
أن متتبع تغير القيم العراقية نتيجة الحروب التي مر بها الشعب العراقي هي احد مظاهر الانحراف الحضاري التي أصبح فيها الاستحواذ على المال العام مقياسا على الشجاعة والجسارة والقوة ،وهذا ما جعل الشعب العراقي يعيش في حالة الاغتراب الوجودي الذي تمخّض عنه مظاهر اليأس وعدم الرضى في حياته.
الاضطرابات والاختلالات التي شهدتها الحياة الإنسانية في العراق ،أوقفتها على مشارف كارثة بشرية محققة،لا يمكن لشيء أن ينتشلها من الفوضى،فانحدار التعليم وفقدان الثقة بالمرجعية السياسية او الدينية تدل على طريق الهاوية .
التخبط في القيم احد مؤشرات أستهلاك الوعي من قبل جهات مسيرة هدفها أستلاب كينونة القيم العراقية لتدمير الذات والذهاب بها الى طريق السير بوعي أعمى ،مسير من قبل جهات ضالة ومنحرفة غايتها التملك والسيطرة من خلال انتكاسة الاخلاق والسعي لتدمير الشخصية العراقية ،وتعويضه بأنسان مستلب مغيب الوعي ،لذلك نجد المجتمع العراقي قد تجزأ على شكل مجاميع مسلوبة الوعي متشبثة خلف اشباه المفكرين او العلماء او القادة.
لذا نرى نزوع رغبة الفساد أصبحت أمرًا عاديا،لا تثير أي انتباه؛ بحيث أصبحت رغبة السيطرة والاستحواذ عاملا مشتركا لدى الكثير،بل وأكثر من ذلك صار يُنظر إلى الإنسان المتسلط أنه ذو قيمة سامية، في حين يُنظر إلى الشخص المسالم أنه لا يساوي شيئا،وابعادة عن كينونة الوجود الانساني الخالصة التي كان يتمتع بها سابقاً ،قبل ان يستولي شبح الحروب والفساد والدمار على عفوية الحياة البسيطة التي كان يتمتع بها،ويقدمها في قالب مزيف يقوم على الترويج والتسويق والتزييف الذي جعلنا نعيش الاغتراب .