أرشفوا بوستاتكم وتغريداتكم وصوركم
هيثم الزبيدي
في الغد سيقرر فيسبوك حرمانك من حسابك. كل ما كتبته على مدى سنوات وكل شبكة علاقاتك، القديمة التي استعدتها أو الجديدة التي كونتها، سيكونان عرضة للاختفاء. هذا شيء أفظع من إضاعة هاتفك.
ماذا لو عاملتنا هذه المنصات مثلما عاملت ترامب؟
اشتكى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كثيرا من حرب شنتها عليه وسائل التواصل الاجتماعي عبر حرمانه من جمهوره الذي كان يتحدث إليه مباشرة من خلالها. نحن مع ترامب وضده في نفس الوقت في هذا الشأن. معه لأن هذه المنصات تتعهد، نظريا على الأقل، بألّا تتدخل بما يكتب. وهي بكل انتهازية استفادت إلى حد كبير من استخدام ترامب لها على حساب الإعلام التقليدي. ترامب حول تويتر إلى وزارة إعلام له؛ تصريحات وصور وآراء. ولكن وصلنا إلى الدقيقة 89 من مباراته مع الرئيس المنتخب جو بادين وصار ترامب منبوذا. هنا لسنا وحدنا ضده، بل عالم واسع من المنتقدين للطريقة التي أدار بها الأسابيع الأخيرة من رئاسته. بالطبع لم يسجل تويتر، الذي حرمه من حسابه، الكثير من الاحتجاجات على سنواته الرئاسية التي يمكن أن توصف بالعجائبية. الحذف جاء يوم سقط.
ترامب قوي وثري. سينشئ ربما تويتره الخاص وفيسبوكه الخاص. يغرد ويعمل بوستات ويوزع صورا وفيديوهات! ولكن ماذا عن الآخرين؟
الآخرون هم نحن. هناك المليارات من الحسابات على فيسبوك وتويتر وإنستغرام وغيرها من المنصات الاجتماعية. للتذكير الشبكات الاجتماعية تسمى “إنترنت 2.0” للإيحاء بأنها إنترنتنا وليست الإنترنت المفتوحة للجميع. المنصات الاجتماعية تم تأسيسها وفقا لهذا “العقد الاجتماعي”. أي أن نكتب ونمنح الفرص لمن نختارهم أن يدخلوا ضمن مجتمعات مختارة تجتمع على شيء معين: من ذكريات المدرسة الابتدائية أو الثانوية، إلى هوايات، إلى تجمع سياسي أو عرقي أو ديني. نحن نعيش هناك هذه الأيام بالخصوص، لكن عالم السوشيال ميديا أقلع منذ زمن طويل.
ماذا لو عاملتنا هذه المنصات مثلما عاملت ترامب؟ في الغد سيقرر فيسبوك حرمانك من حسابك. كل ما كتبته على مدى سنوات وكل شبكة علاقاتك، القديمة التي استعدتها أو الجديدة التي كونتها، سيكونان عرضة للاختفاء. هذا شيء أفظع من إضاعة هاتفك وعليه كل الأرقام والمعلومات والصور. أن تضيّع الهاتف فهو حادث. أن يشطبك فيسبوك أو تويتر أو إنستغرام من حساباتها فهذه نكبة، على الأقل للبعض إذا لم نقل للجميع.
وفيسبوك يعملها. نظرة واحدة لسهولة أمر مسح كل الأخبار من كل الحسابات في أستراليا تجعلك تدرك كم لديه من أدوات تقنية تستطيع أن تتحكم بكل ما يجري على حسابات المشتركين.
إذا كان ثمة درس نتعلمه من ترامب (أعرف أن الأمر فيه صعوبة أن تتعلم من ترامب)، فهو أنه من الضروري أن تؤرشف بوستاتك وتغريداتك وصورك وفيديوهاتك. هذه مؤسسات يمكن أن تستخدم كلمة أو كلمتين في اتفاقية الاستخدام التي وافقت عليها يوم أنشأت الحساب وتقول لك: أنت لم تكن فيسبوكيًّا أو تويتريًّا في يوم من الأيام.
كاتب من العراق مقيم في لندن