أساطير وحمى

بقلم لبنى الحرباوي تموز/يوليو 24, 2021 347

 

أساطير وحمى

درجة حرارة الجسم المرتفعة بشكل غير عادي علامة على ما هو خارق للطبيعة.
رهاب الحمى في عصر الكورونا
الأسبوع الماضي حين أصبت بالحمى لم أهتم في البداية كثيرا حتى رافقتني زيتونة زوجة بوباي في جميع حركاتي وسكناتي ونومي. أنا أهلوس إذن، لا تكون كورونا فقط.. لم تكن كورونا لحسن الحظ.
نشأ خوفي من الحمى منذ أصبحت لي طفلة، أصبحت مصابة بـ”رهاب الحمى”، ذلك الخوف المفرط من الحمى، الموجود بين الآباء والأمهات من جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية حول العالم.
لقد نشأنا ثقافيا على أن نكون حذرين من الحمى بناء على معلومات قديمة، بعضها لا أريد أن أسميها جميعا أساطير أو خرافات، ارتبطت بممارسات ثقافية على مدى تاريخ البشرية.
بالنسبة إلى معظم تاريخ البشرية، كانت درجة حرارة الجسم المرتفعة بشكل غير عادي علامة على ما هو خارق للطبيعة. كانت الحمى شريرة ولكنها شائعة، غير طبيعية ولكنها حقيقية. ودون وجود أساس نظري لفهمها، بدت الحمى لفترة طويلة غامضة كما كانت مميتة.
كانت لدى الرومان القدماء ثلاثة معابد على الأقل مخصصة لعبادة إله الحمى. واعتقد قدماء المصريين أن الحمى كانت علامة على أن الآلهة تصدم البشر.
وفي العصور الوسطى، اشتملت علاجات الحمى على التعاويذ والإكسير والسحر وطرد الأرواح الشريرة. ووصف ابن سينا الحالة بأنها “حرارة خارجية مشتعلة في القلب، تنتشر منه إلى الجسم كله عبر الشرايين والأوردة”. وفي القرون التي تلت ذلك، احتفظت الحمى بجو من التصوف.
كتب الطبيب الإنجليزي توماس سيدنهام في ستينات القرن السادس عشر “تعتبر الحمى محركا عظيما تجلبه الطبيعة إلى العالم لغزو أعدائها”.
في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، امتلأت صفحات الصحف بإعلانات أدوية تعد بعلاج الحمى. ولأن الحمى كانت تعبيرا ملطفا لعدد من الأمراض الخطيرة، فقد انتشرت قصص الأشخاص الذين “ماتوا من الحمى” في جميع صفحات النعي.
ولهذا السبب حاولت أجيال من الأطباء أن يعالجوا الحمى بأنفسهم، وليس أسبابها الكامنة وغالبا بنتائج مروعة.
كانت الحمى غامضة إلى حد كبير لأن الناس لم يفهموا أنها أعراض وليست مرضا في حد ذاتها، ولكن أيضا بسبب صفاتها التي تبدو متناقضة. كأن يشعر الشخص المصاب بالحمى بالحرارة عند لمسه، ولكنه يعاني من نوبات البرد الشديد.
خلت معظم الثقافات اليوم من التفسيرات الأسطورية من الحمى لكن لا يزال هناك خوف عميق الجذور منها، تنتقل عبر أجيال من الناس الذين عاشوا بفهم مختلف لأجسادهم ونقاط ضعفهم.
لبنى الحرباوي
صحافية تونسية

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه