المال يشتري النوم

 

المال يشتري النوم

الرفاه الاجتماعي والاستقرار السياسي سبب رئيسي لسعادة الإنسان، لكن توسيع فجوة النوم وفق جيوب الناس المليئة بالنقود تخلق حلقة مفرغة.
النوم العميق مربك
عندما كتبت قبل سنوات عن انخفاض جودة النوم في حياة الإنسان المعاصر، لم أفكر أن النوم مرتبط بغنى وفقر الإنسان. ربما من أجل ذلك تعجبنا الأغنية الشعبية التي طالما ترددت في الأفلام الأميركية عن استحالة شراء الحياة بالمال، لأن ذلك يعني أن الموت يلاحق الفقراء وحدهم بينما سيعيش الأغنياء!
المفارقة اليوم تكمن في دراسة جديدة تربط جودة النوم بفقر وغنى الإنسان، وتضيف عامل قلة النوم إلى الحياة الأقل صحية والأحياء الفقيرة الملوثة والإجهاد السام والطعام الرديء، كمسببات لتجعل الحياة أقصر.
كذلك تصل الدراسة التي صدرت عن مجموعة “راند” البحثية الأميركية المعنية بالصحة العامة، أن ضعف نوم المحرومين اجتماعيا يؤدي إلى خسائر جسدية وعقلية فادحة.
ويدق ضعف جودة النوم ناقوس الخطر منذ سنوات، لكن أن يتعلق ذلك بالمال، فإنه سيعيد الجملة التاريخية مثار الجدل عن عدم القدرة على شراء السعادة، عندما نبدل هذه المرة كلمة النوم بالسعادة.
حددت الأكاديمية الأميركية لطب النوم سبع ساعات كحد أدنى لنوم الإنسان يوميا، إلا أن واحدا من كل ثلاثة أميركيين لا يتحقق لديهم ذلك. ويعاني واحد من كل أربعة أميركيين بالأرق “كم بودي أن نحصل على أرقام مقابلة من بلداننا العربية!”.
لم يصنف الأطباء لحد الآن قلة النوم مرضا، لكنهم يقولون إنه يمكن أن يتسبب بأمراض أخرى. فكل ساعة من النوم المفقود تؤول إلى خطر الإدمان على الكحول والتدخين وتزيد من فكرة الإقدام على الانتحار.
لكن الدراسة الجديدة مثيرة للتساؤل الحقيقي وهي تعرض لأدلة علمية تكشف أن الأشخاص الذين يعانون من الفقر ينامون أقل من أولئك الذين لديهم أموال أكثر.
وتذكر الدراسة أن مجرد العيش في الأحياء ذات الدخل المنخفض هو عامل خطر لسوء النوم، بسبب التلوث والضوضاء وقلة الوصول إلى المساحات الخضراء.
ووصل الأمر بأحد الأطباء المشاركين في الدراسة إلى “الزعم” بأن عنوان بريد الإنسان طريق موثوق لشفرته الجينية.
بالطبع بإمكان أي قارئ عربي تقديم أمثلة من أحياء بلده عن المناطق البائسة مقابل المترفة. لنكتشف من ينام ومن لا يغمض له جفن.
مع أن الدراسة ترى أن فجوة النوم العميقة مربكة للحكومات، لكنها وهي تربط الأمر هذه المرة بالمال، لا تجيب على سؤال عما إذا كانت أسعد شعوب العالم في الدنمارك والسويد مثلا ينامون ملء جفونهم. صحيح أن الرفاه الاجتماعي والاستقرار السياسي سبب رئيسي لسعادة الإنسان، لكن توسيع فجوة النوم وفق جيوب الناس المليئة بالنقود تخلق حلقة مفرغة ومربكة. وتعيد الجدل غير المثمر عن علاقة المال بالمشاعر.
كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه