أزمة المياه وزراعة الشلب

بقلم حيدر عبدالامير الغريباوي تشرين1/أكتوير 27, 2021 303

أزمة المياه وزراعة الشلب

 حيدر عبدالامير الغريباوي

مخاوف شح المياه في العراق تزداد يومياً مع إنشاء تركيا سدودا إضافية والتي تعد المنبع الأصلي لتغذية نهري بلاد الرافدين، ومما لا شكَّ فيه أن أزمة مياه خطيرة قادمة، وقد تؤدي إلى تصحُّر مساحات شاسعة من ارض العراق.

وانعكاس أزمة المياه وخطر نفاذ الموارد المائية على انتاج “الشلب” الذي يحتاج للمياه بشكل كبير، أي أن العراق هو الاكثر تضررا لكونه يحتاج إلى ما يقارب 73 مليار م3 من المياه سنويا لزراعة 22 مليون دونما حسب الجهاز المركزي للإحصاء, استخدام الموارد المائية، سنوات متعددة.

ان جذور ازمة المياه ترجع حينما اثارت تركيا لغطا كبيرا في الاعلام والشارع العراقيين، عندما بدأت بملأ سد اليسو المقام على نهر دجلة، ودق ناقوس الخطر حول المستقبل المائي لمنطقة وادي الرافدين، كما حصل لمنطقة في وادي النيل عندما بدأت اثيوبيا ببناء سد النهضة، متناسين ان الزيادة الكبيرة في تعداد سكان هذ المناطق، والحاجة الماسة لتوفير الغذاء لهم وكذلك لتوليد الطاقة الكهربائية، كلها عوامل شجعت تركيا واثيوبيا على بناء هذه السدود، وتزامن الامر مع الاستخدام الجائر للمياه في الزراعة اضافة الى التغيرات الكونية للمناخ والتي قللت الامطار بشكل كبير وهي المورد الاساسي لمياه الرافدين والنيل، وكلها عوامل تتطلب التخطيط والادارة السليمة والجيدة للموارد المائية.

وشكل سد أليسو التركي الذي يقع على نهر دجلة تهديدا مائيا مباشرا، إذ تراجعت المياه الواردة الى العراق بسببه إلى ما يقارب النصف مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يستوعب السد نحو 20.93 بليون متر مكعب.

ومن جانب آخر، كانت إيران اتخذت خطوات أخرى تتعلق بالاحتياطات المائية حيث قامت ببناء سدود على روافد نهر دجلة قبل الدخول الى الحدود العراقية فيما قامت بتحويل مجرى بعض الأنهار المتجهة للعراق وإعادتها إلى الأراضي الإيرانية.

ومعلوم أن كمية المياه المتدفقة في نهري دجلة والفرات تعتمد على كمية الامطار والثلوج الساقطة في تركيا وشمال العراق وغرب ايران وشمال سوريا وعلى التغيرات المناخية العالمية، وتسمى مواسم الامطار الشديدة بالسنوات الرطبة

هذه الأسباب الخارجية أشعلت المشاكل بين المحافظات الجنوبية بشأن الحصص المائية التي يتم منحها من قبل وزارة الموارد المائية،

ومن جهة أخرى، يعاني نهر شط العرب الذي يغذي البصرة والمحافظات الجنوبية من وجود بتكتيريا تسبت في حالات تسمم إضافة إلى ارتفاع ملوحة المياه جراء إلقاء مخلفات إيرانية في نهر كارون الإيراني المغذي لشط العرب.

خزين استراتيجي

وقال مسؤول حكومي لرويترز أن بحيرة حمرين (45 كم شمال شرق بعقوبة) والتي تعد أكبر خزين استراتيجي للمياه في ديالى، جفت بشكل شبه تام بسبب انعدام الأمطار للموسم الشتوي المنصرم، وتحولت إلى مقالع ومصادر للمواد الانشائية “الحصى والرمل”، ومصدر لتجارة التراب من قبل أصحاب الشاحنات،

يشار إلى أن القطاع الزراعي في العراق لم يحظ باهتمام الحكومات العراقية المتعاقبة، على رغم وجود عوامل مشجعة بشرية ومناخية ومالية وفنية، وقد أدى هذا الإهمال إلى تدهور مستوى الإنتاج الزراعي المحلي، وتحول العراق من بلد زراعي منتج ومصدر، إلى بلد مستهلك ومستورد للمنتجات الزراعية على اختلافها من بلدان الجوار.

تعتبر محافظة القادسية من المحافظات الاولى بزراعة الشلب وخاصة نوع العنبر، وتعد الاولى في العالم لأنه تعتبر من المناطق الزراعية حيث يعتمد سكانها على محصول رز العنبر وهناك انواع اخرى مثل الياسمين والنعيمة والحويزاوي ولكن العنبر له نكهة خاصة والمزارعين هنا لديهم خبرة عن الاجداد في كيفية زراعته والاهتمام بهذا المحصول لما لديه من نكهة خاصة”. مضيفاً “في العالم يعتبر رز العنبر من أجود المحاصيل العالمية وتكثر زراعته في المشخاب وينافس في الاسعار منتوجات الهند ودول اخرى”.

ويتم زراعته في الشهر الرابع واما العنبر يزرع في السادس لغاية شهر 11 وحتى مخلفات المحصول تعتبر من العلف اليابس للحيوان وخاصة الجاموس”.

 من جانبها وزارة الموارد المائية كانت قد اشترطت على مزارعي الشلب زراعة محاصيلهم بالواسطة، اي باستخدام المضخات لعدم تمكنها من توفير المياه الكافية للري سيحا في حقول الشلب .

 واوضحت ان الزراعة بالواسطة تحتاج الى كهرباء والى وقود لتشغيل المضخات ، وهي جميعا امور غير متوفرة لدى المزارعين .

يذكر أن محافظة الديوانية، تعد من المحافظات الزراعية المهمة في العراق، إذ تبلغ المساحات الزراعية فيها نحو ثلاثة ملايين و268 ألف دونم، منها مليون و420 ألف دونم صالحة للزراعة، فيما يعاني المزارعون من شح المياه الذي أدى إلى تقليص المساحات الزراعية.

ان مشكلة المياه وزراعة الشلب في العراق تتطلب تنسيقا وعملا مشتركا بين وزارات ومؤسسات عديدة اضافة الى تعاون المواطنين وخاصة المزارعين منهم، وتشكيل سلطة  للمياه امر ضروري لوضع استراتيجية شاملة للسنوات المقبلة، والتنسيق ما بين الوزارات والادارات المختلفة وهي ليست بالمهمة السهلة والقابلة للتنفيذ من دون عوائق كبيرة.

وبالرغم من إتمام دراسة استراتيجية لغاية العام 2035 إلا أنها ليست استراتيجية مائية واضحة المعالم ولم تأخذ بنظر الاعتبار الواقع المائي الحالي والمستقبلي في ظل الظروف السياسية لواقع دول الجوار الجغرافي وما يجري من تنفيذ أهداف هذه الاستراتيجية لم يأخذ بالحسبان السياسات المائية المبنية على استخدام المياه كورقة سياسية، وهذا الاستعمال يحتاج بلا شك إلى حكومة مركزية كفؤة وقوية مع وعي جماهيري، يدرك خطورة خنق العراق بالاستحواذ على حصصه المائية المقررة

أقول بهذا الصدد إنه “بسبب قلة المياه وعدم وجود حلول سريعة من قبل وزارتي الموارد المائية والزراعة سيكون هناك أجبار على ترك زراعة الرز وإيجاد عمل آخر”. فزراعة الرز تحتاج الى غمر بالماء لستة أشهر في ظل ازمة المياه القائمة.

وان الذي يتابع الواقع الزراعي في بلاده، ومعاناة المزارعين، أن “المساحات التي استغلت لزراعة محصول الرز ستتقلص وبشكل كبير حيث أن “رز العنبر العراقي المعروف سينتهي وجوده من البلاد إن استمر الوضع على ما هو عليه الآن”.

خصوصاً ان شحة المياه أدت في العراق إلى ارتفاع نسبة ملوحة التربة من 500 الى10000 جزء بالمليون وهذا يؤدي حتما إلى الحد من قدرة الأرض على زراعة بعض المحاصيل الاستراتيجية مثل الرز والقمح وغيره.

سنوات جافة

ولا يغيب عنا إن السنة الحالية تعد من السنوات الجافة والتي شهدت انخفاضاً كبيراً في مستوى الأمطار الموسمية، مما يعرض العراق” لأخطر أزمة مياه كبيرة.

وهذا ما حدا بوزارة الزراعة خلال السنوات الماضية على البحث عن أصناف جديدة من الأرز كالفرات والياسمين، بفضل انتاجيتهما العالية من جهة، وعدم حاجتهما إلى مياه كثيرة من جهة ثانية. غير أن نكهتيهما ليستا في مستوى نكهة العنبر”.

ولحاجة البلد لمادة الرز الحكومة خصصت أموالاً لتغطية استيراد الأرز على نحو يوفر إمدادات تغطي حاجة البلد، حيث تقوم “وزارة التجارة بالتعاقد في كل عام مع شركات في دول مختلفة، لاستيراد ما بين 800 – 950 ألف طن من الأرز، من أصل حاجة البلد السنوية التي تقدر بمليون و300 ألف طن”.

لتأمين حاجاته المقدرة بـ120 الف طن شهرياً، لذا يعتمد العراق على الاستيراد الذي يتم عبر مناقصات تعلنها “شركة تجارة الحبوب” التابعة لوزارة التجارة، وهذه المناقصات تجري مرة كل 4 أو 6 أشهر، يذكر أن إجمالي المشتريات الحكومية بلغ 260 ألف طن خلال الموسم التسويقي الحالي، بعد أن كانت مشتريات البلاد من الأرز المحلي بحدود 306 آلاف طن خلال موسم 2019-2020 بعد انتهاء أحد أفضل المواسم منذ عقود طويلة.

الحكومة مطالبة بالتسريع في إقامة مشاريع الري، لسدّ النقص في المياه في مناطق زراعة الأرز، فضلاً عن رفع مبالغ التسويق لمزارعي الأرز، بأنواعه كافة، أي أن لا يقل سعر الطن لوزارة التجارة عن 1250 دولاراً، من أجل تحفيز المزارع على زيادة مساحات زراعة الأرز، فضلاً عن دعمه بالقروض المالية لتذليل الصعاب الكثيرة.

مما تقدم يتضح إن العراق أمام مشكلة مياه كبيرة مقيدة لطموحاته الزراعية لكونه الشريك الثانوي في مياه مشتركة مع شركاء لم ينصفوه يوما ولم تنفع معهم كل المحاولات السياسية لتحديد حقوقه العادلة .

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه