"خاوا خاوا"

بقلم حكيم مرزوقي كانون1/ديسمبر 21, 2021 135

"خاوا خاوا"

ما هكذا تورد الإبل، وتكون الروح الوطنية أيها الجيران على حدودنا الغربية.. إنكم لا تحاربون عدوا بل تنافسون أشقاء يحفظون لكم الودّ ويتذكرون نبل مواقفكم في الشدائد.

هل أن مهمة "محاربي الصحراء" تتمثل في تعنيف "نسور قرطاج"

هي عبارة تودّد يقولها الأشقاء الجزائريون للتعبير عن روابط الأخوة والتضامن في المحن والكوارث. وأثبتت هذه المقولة مصداقيتها أثناء جائحة كورونا التي ألمت بتونس، فما كان من الجارة الغربية أن لبت نداء الاستغاثة الذي أطلقته جارتها الشرقية عبر تدفق عبوات الأوكسجين للمساهمة في إنقاذ المئات من المصابين الذين غصت بهم المستشفيات.

لم ينس التونسيون هذه الوقفة الكريمة الشجاعة إلى أن تدخلت كرة القدم في بطولة كأس العرب بنسختها القطرية الأخيرة، فأفسدت كل شيء.

حلت الخشونة والعنف مكان الملاطفة والتودد على المستطيل الأخضر أثناء لقاء النهائي بين الجارين المغاربيين في الدوحة. وكشّر الأشقاء الجزائريون عن أنيابهم في لقاء كروي جانب الروح الرياضية، إلى درجة استخدام الأيادي كما في اللقطة التي شاهدها العالم، وفيها قام لاعب جزائري بالاعتداء على منافسه التونسي بطريقة بدائية لا تليق بلاعب محترف، ومن بلد شقيق.

زاد من وحشية ذلك المشهد، عنف لفظي لدى بعض الجمهور ولغة تشفّ هجينة، إلى درجة أن معلقا رياضيا جزائري الجنسية أورد على صفحته صورة اللاعبين المصابين من الفريق التونسي مع تعليق غاية في الغلظة والفجاجة وهو “من هنا مر محاربو الصحراء”.

السؤال الموجع: هل أن مهمة “محاربي الصحراء” تتمثل في تعنيف “نسور قرطاج” وازدراء أشقائهم بتلك الصورة التي ظهر فيها اللاعب الجزائري يمسك بخناق منافسه التونسي وقد بدت على وجهه علامات حقد دفين؟

هكذا ذهبت عبارة “خاوا خاوا” مهب الريح، وحلت محلها لغة عنف غير مسبوقة أمام ذهول التونسيين الذين “بالغ” عدد كبير منهم في مناصرة المنتخب الجزائري على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى على مدرجات الجمهور برفع الراية الجزائرية إلى جانب نظيرتها التونسية، في تأكيد لطيف على رابط الأخوة الذي لم يحترمه بعض اللاعبين من المنتخب الشقيق.

طبعا، لا يمكن وضع الجميع في سلة واحدة لأن التعميم لغة الحمقى، لكن ما حصل كان محرجا وغير متوقع ممن وقفوا مع تونس في “الكورونا” وقسوا عليها في “الكرة”، وكان الأجدر أن تسود الروح الرياضية، وليذهب كأس العرب والملايين من الدولارات إلى الجحيم.

ما هكذا تورد الإبل، وتكون الروح الوطنية أيها الجيران على حدودنا الغربية.. إنكم لا تحاربون عدوا بل تنافسون أشقاء يحفظون لكم الودّ ويتذكرون نبل مواقفكم في الشدائد كما ينبغي أن لا تنسوا وقوفهم الملحمي إلى جانبكم في حرب الاستقلال التي اختلطت فيها الدماء وتشابكت المصائر.

هل نلعن الساحرة المستديرة التي قد تدور معها الدوائر، ونبقي عبارة “خاوا خاوا” على دفة الاحتياط  أم نردد ما قاله أحمد المتنبي “إن كان سركم ما قال حاسدنا، فما لجرح إذا أرضاكم ألم”.

حكيم مرزوقي

كاتب تونسي

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه