"وذكّر إن نفعت الذكرى"
د.شاكركتاب
في نهاية الحرب العالمية الثانية كان المشهد العالمي وعلى الأخص في أوربا مأساوياً. كانت ألمانيا وهناك كانت اليابان أكثر دول الحرب تضررا ودماراً. وإذا كانت القنبلة الذرية للوحش الأمريكي السفاح قد أتى تماما على مدينتين كبيرتين في اليابان هيروشيما ونكازاكي فإن أعلى جدار في أبسط مدن ألمانيا كان لا يتجاوز ارتفاعه المتر الواحد عن الشارع. ألآن هاتان الدولتان هما من أقوى دول العالم صناعيا واقتصادهما من أشدها متانة وصمودا وتطورا وإنسانها يتمتع بكل مسببات الراحة والأمان والإستقرار والرخاء والمقدرة المالية. الخدمات فيهما من مهام الدولة أو تحت رقابتها ( حسب المكان). ويشكلان ثقلا نوعيا في الحسابات الدولية وموازين القوى. كيف حصل ذلك؟ والسؤال ذاته نوجهه بشأن تركيا والصين وسنغافورة وكوريا الشمالية والهند وماليزيا وغيرها. الجواب هو: الثورة العلمية والثقافية التي اهتمت بالإنسان في هذه البلدان - بقيادات وطنية مخلصة ونزيهة - وجعلت من مستواه الثقافي ووعيه العلمي معيارا أساسيا للوجود في الحياة العامة والإسهام الفاعل في بناء الدولة والعلاقات اليومية. هذه الدولة أصبحت فيها الأمية تحت الصفر والبطالة ممنوعة فالدولة تحفظ كرامة العاطل عن العمل وتضمن له احتياجاته وتبحث معه له عن عمل. تستثمر هذه البلدان في التربية والتعليم أكثر عشرات المرات مما تدفعه بلدان العالم الثالث مثل العراق على الأسلحة. هذه الدول تمكنت من استغلال موقعها الجغرافي وعلاقاتها ومواردها الطبيعية وثرواتها البشرية وتباشر ببناء قوتها المتنوعة وتغدو في مصاف الدول الكبرى أو المتقدمة والمتميزة.
في بلادنا جرى العكس تماما.. ولا أدخل في التفاصيل لأن شعبنا كله يعرفها جيدا ويعاني منها ويتذوق مراراتها. لكننا نضع ببساطة تجارب البلدان الأخرى على نية " وذكّر إن نفعت الذكرى".