"فن التعالي والتعامي".

بقلم د. شاكركتاب آب/أغسطس 26, 2022 178

   "فن التعالي والتعامي".

 

د. شاكر كتاب  

  (1)    عندما خرج الشعب المصري عن بكرة أبيه منتفضاً على حكم حسني مبارك تظاهر الأخير ان المشكلة لا تعنيه ولا تتعلق بنظامه الفاسد المتهرئ فأطلق كلاماً لن أنساه: "انا وجهت الأوامر الى الحكومة للنظر بمطالب الشعب والعمل على حلها". الأمر إذن بعيدٌ عنه فهو المنزه وغير المقصود أبداً بالتظاهرات والهتافات. والمشكلة بين الحكومة والشعب وهو خارج نطاق هذه المشكلة وخارج حلبة الصراع بين كل الدولة من جهة وكل الشعب من جهة أخرى. وهذا هو ديدن الفراعنة. لقد اعطاهم "الأذن الطرشة" وانكفأ مثل أي فرعون في صومعته يترقب من بعيد ويتابع الأخبار من الفضائيات ومن المذياع. ولم يصحُ من سباته المريض الا بعد ان أعلن أحد قادة المظاهرات أمام الرأي العام " على مبارك ان يخرج من القصر وإلّا فنحن ذاهبون اليه". الله يا محلى الرجولة. وصلت الرسالة فوراً الى الرئيس النائم ووجد نفسه بعد حين في قفص الاتهام لا يقوى حتى على الوقوف على ساقيه.  

  (2).  ومن يتابع ثورة تونس يجد السيناريو نفسه يتكرر مع الرئيس ( زين العابدين) كان يتفنن في التعالي والتغاضي القذر عن مطالب الشعب ومصلحة الوطن. رأيته كيف يقف في المستشفى على مسافة أمتار من الشاب ( طارق الطيب البو عزيري - 27 سنة) الذي أضرم النار في نفسه لينتحر إحتجاجاً على ما تعرض له من إهانة واعتداء من قبل جلاوزة بن عابدين. ذهب ليتظاهر بحرصه ورعايته المزيفة للمواطن والمواطنين لكنه نسيَ ان يتخلى عن تعاليه ونزقه فوقف بعيدا عن الجسد المحروق لأنه جبان لا يقوى على مواجهة الحدث ولا ملاقاة الحقيقة. ولأنه لا يطيق رائحة خلايا الجسد المحروق. لكنه لم يلبث ان اصطدم بواقع الثورة ورأيته مرةً اخرى   كيف يتسلق درج الطائرة ليهرب وتحط به في السعودية لاجئا ذليلا خائبا يتفرج من على شاشات الفضائيات على احداث الثورة في بلاده وانتصاراتها.     "يتبع"

قيم الموضوع
(2 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه