أرح ركابك يا سلام
علي الزبيدي
سبعة وستون عاما وانت في حركة دائمة وترحال مستمر ومنذ منتصف العام 1974 حين دخلت بلاط صاحبة الجلالة فكنت الفتى المثابر والقلم الجريء تنقلت بين انواع الكتابة الصحفية فنلت السبق في كتابة التحقيقات او مايسمى اليوم الصحافة الاستقصائية فكنت فارسها بلا منازع رصدت الكثير مما كان يجب أن يرصد واتذكر جيدا كيف انتقدت تعامل وزارة التربية بتحقيق صحفي في جريدة القادسية فرفعت الوزارة ضدك دعوى قضائية في محكمة جنج الكرخ وكيف وقف العالمان الراحلان الدكتور علي الوردي والدكتور حسين علي محفوظ إلى جانب الحق كما اتذكر كيف حضر الراحل الرائد الاحتياط امير الحلو باعتباره مديرا لتحرير القادسية والدكتور أحمد المجيد الجلسة ليدافعا عنك وقد حضرت أنا جلسة المحكمة التي حكمت ببراءتك من التهمة التي وجهت إليك..
اجراء المقابلات
لقد كنت بارعا في إجراء المقابلات الصحفية وكنت قلما عراقيا امينا وشجاعا وقفت في خنادق المقاتلين تنقل للناس كيف هم يدافعون عن تراب الوطن واحلام أبنائه في مستقبل سعيد فلم تترك قاطعا لم تزره من شمالي الوطن إلى جنوبة
فشهدت معارك وصولات كثيرة لجيشنا العراقي الباسل
عرفتك يا سلام ونحن بالكاد لم نبلغ الخامسة من اعمارنا في محلة ام النومي ضمن محلة الدبخانة في الكاظمية صبيا هادئا فلعبنا معا ولهونا معا ودرجنا في أزقة ام النومي نلعب الكرة واتذكر عندما كان يأتي والدي او والدك رحمهما الله نهرب بعيدا كي لا يرونا نلعب في الشارع.. وتمر السنوات وكبرنا معها نحمل اقلامنا نلتقي نتفق او نختلف لكننا لم نختلف عن حب الوطن والناس.
بعد الاحتلال الغاشم للعراق في التاسع من نيسان مررت علي انت والزميل الاستاذ شامل عبد القادر لتطمئنان على وضعي وعندما بدأت عمليات التصفيات وملاحقة الشخصيات الوطنية من حملة الأقلام الشريفة غادرت العراق كما انا فطفت في بلاد العرب في الإمارات وسوريا والبحرين ومن ثم إلى الاردن حيث كانت عمان هي مستقرك الاضطراري والتي غادرتها إلى دار القرار.
عدد جديد
ابا زمن كلما يذكر اسمك اتذكر صولاتك وجولاتك في مجلس الخاقاني الثقافي واتذكر مقهى كاظم هدب في شارع المحيط في الكاظمية اتذكر وقفتنا عند مكتبة شقيقي المرحوم عبد الرزاق الذي كان يحتفظ لك بنسخة من كل عدد جديد من مجلة آفاق عربية اتذكر مرافقتك للدكتور علي الوردي وجلساتنا في مضيف الروضة الكاظمية عن السادن المرحوم الشيخ فاضل علي الكليدار.
اي شيء لا يذكرني بك ابا زمن فكل الأشياء والأماكن التي مررنا بها تذكرني بك والان وقد ارحت ركابك من هذه الدنيا التي جانبتها وادرت لها ظهرك لأنك وجدت ان العراق الذي أحببت أصبح بيد السراق والفاسدين والمزورين فكنت لهم بالمرصاد قلما عراقيا اصيلا لم تهادن ولم تساوم .. اقول وانت بين يدي الله الرب الكريم لك الرحمة والرضوان وجنات النعيم فمثلك لن يغيب عن البال والوجدان وليفخر بكل تاريخك أبناؤك واخوانك ومحبوك فلقد سجلت لنفسك ولهم الذكر الطيب وهو عمر ثاني بكل تأكيد.